العدد 1535 /2-11-2022

انطلقت مساء الثلاثاء في الجزائر أعمال القمة العربية الـ31 على مستوى الرؤساء، هي الأولى منذ ثلاث سنوات، تحت شعار "لمّ الشمل"، بحضور ما يقدّر بثلثي القادة العرب وضيوف شرف أجانب.

وتشهد قمة الجزائر مشاركة 15 قائداً عربياً إلى جانب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الذي تستضيف بلاده القمة.

وعقدت جامعة الدول العربية التي تضم 22 دولة آخر قمة لها في 2019 في تونس، قبل تفشي وباء كورونا. ومنذ ذلك الحين، قامت دول عدة أعضاء في المنظمة، التي وضعت تاريخياً دعم القضية الفلسطينية وإدانة الاحتلال الإسرائيلي على رأس أولوياتها، بتطبيع لافت مع إسرائيل.

قال أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أن المعاناة مستمرة في فلسطين وموقف الأمم المتحدة واضح في هذا الشأن، ويجب التقدم نحو السلام وإنهاء الاحتلال.

وحذّر غوتيرس من الأزمة المالية التي تعيشها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (انروا)، التي تنعكس سلبا على ضمان حقوق الفلسطنييين، داعيا إلى تقديم دعم سخي للوكالة.

وأكد غوتيرس على ضرورة إرساء شراكة قوية بين الأمم المتحدة والدول العربية في عالم يواجه المحن والشدائد.

وحثّ غوتيرس على بذل الجهود لاستمرار نجاح مبادرة البحر الأسود بشأن الحبوب، لتوفير الإغاثة للمحتاجين في الشرق الأوسط وشال أفريقيا، في منطقة تعتمد على الأغذية والأسمدة من أوكرانيا وروسيا.

وبين غوتيرس أن الدول النامية تحتاج إلى دعم سنوي بقيمة 100 مليون دولار.

قال أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إن المنطقة العربية تقع في قلب الأزمات، وهي ركيزة في معادلة إمدادات الطاقة والأسعار، وضحية للتغير المناخي والجفاف.

وأضاف، أن المنطقة العربية تعاني من تهديد خطير في أمنها الغذائي، ودولنا تواجه تصرفات غير قانونية من جانب جيرانها والجوار القريب، تعرّض أمن منطقتنا المائي للخطر.

ورأى أمين عام الجامعة العربية، أن التصعيد في الأراضي المحتلة يُنذر بما هو أسوأ، بينما يقف العالم مكتوف الأيدي ولا يُدافع عن "حل الدولتين" سوى بالأقوال، مؤكداً على الإجماع العربي على هذا الحل الذي يحتاج إلى إطلاق عملية تسوية جادة.

وبشأن الأوضاع الخاصة بالدول العربية، أشار أبو الغيط أن عديداً منها تشهد أزمات تحتاج للتدخل العربي الجماعي.

ففي سورية، بين أبو الغيط أن تطورات هذا البلد تحتاج جهداً عربياً رائداً، يضع البصمة العربية على خارطة تسوية الوضع المأزوم، وويتطلب مرونة جميع الأطراف المعنية لتبديد ظلمة الانهيار الاقتصادي والانسداد السياسي، وغلق صفحة الماضي بآلامها، بما يضمن انخراط سورية في محيطها العربي الطبيعي، وعودتها، وهي عضو مؤسس، إلى الجامعة العربية.

وتمسك أبو الغيط بما أسماه "تعريب حلول وتسويات الأزمات"، فلم يعد مقبولاً إلقاء الأزمات العربية على كاهل مجتمع دولي ينشغل بقضايا أخرى ضاغطة، مؤكداً قدرة الإرادة العربية على التدخل الفعال لتسوية الأزمات العربية، وأن قدرة الجامعة العربية على التحرك والفعل مرهونة بحجم الدعم والتفويض الممنوح لها من الدول الأعضاء.

وأمل أبو الغيط أن تكون قمة الجزائر قمة لم شمل العرب، تواكب تطلعات الرأي العام العربي وطموحاته.

قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في كلمته، إن القمة تنعقد في مرحلة بالغة الصعوبة مثل مرحلتنا الراهنة، داعياً إلى حشد مزيد من الجهود لدعم الشعب الفلسطيني وتجديد التأكيد على المبادرة العربية التي تبقى إطاراً لتحقيق مطالب الشعب الفلسطيني وإعلان دولته وعاصمتها القدس الشريف، وكذا تشكيل لجنة تنسيق واتصالات عربية من أجل القضية الفلسطينية.

وحذر تبّون من أن القضية الفلسطينية "تتعرض الى مساعي التصفية بسبب مواصلة قوات الاحتلال ارتكاب الانتهاكات الجسيمة من أجل بناء وتوسيع مستوطناتها غير الشرعية، وقتلها للأبرياء، واجتياحها المتكرر للمدن والقرى الفلسطينية، ومصادرة الأراضي والممتلكات، وهدم المنازل والمباني الفلسطينية، وتشريد السكان الأصليين، بما في ذلك في مدينة القدس.

واعتبر الرئيس تبون أن المبادرة العربية لعام 2002، مازالت تمثل اطارا لحل القضية الفلسطينية، و"من هنا تأتي أهمية تجديد التزامنا الجماعي وإعادة التأكيد على تمسكنا بمبادرة السلام العربية بكافة عناصرها باعتبارها المرجعية المتوافق عليها عربيا والركيزة الأساسية لإعادة بعث مسار السلام في الشرق الأوسط والسبيل الوحيد لقيام سلام عادل وشامل".

ودعا الرئيس الجزائري إلى "القيام بإصلاحات جذرية عميقة وشاملة لمنظومة العمل العربي المشترك حتى تتمكن الجامعة من الاضطلاع بدورها كأداة رئيسية للعمل العربي المشترك في مواجهة التحديات"، كما حث على بناء تكتل اقتصادي عربي منيع يحفظ المصالح المشتركة.

وبشأن أزمات ليبيا وسورية واليمن، ناشد الرئيس تبون "جميع الأطراف الداخلية والإقليمية والدولية إلى تفضيل الحوار الشامل والمصالحة الوطنية بعيدا عن أي تدخل في الشؤون الداخلية من أجل الوصول إلى الحلول السياسية السلمية التوافقية التي تمكن شعوبها من صياغة مستقبلها وتحقيق تطلعاتها المشروعة في الحرية والكرامة بما يضمن الحفاظ على سيادتها ووحدة شعوبها وسلامة أراضيها".