العدد 1533 /19-10-2022

فارس الجلال

على وقع الحشود العسكرية، إثر فشل تمديد الهدنة اليمنية، المنتهية منذ 2 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، والتوقعات بإمكان استئناف المعارك بين السلطات اليمنية المعترف بها دولياً، والحوثيين، عاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، إلى العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، اليوم الثلاثاء، بعد غياب نحو شهرين.

وكان العليمي قد غادر عدن منتصف أغسطس/آب الماضي، على وقع خلافات داخل المجلس الرئاسي، ليقوم بجولة شملت العديد من العواصم العربية والغربية، هي الأولى له منذ توليه منصبه، قبل أن يعود إلى الرياض. إلا أنه بقي هناك، تزامناً مع الخلافات التي تصاعدت بين أعضاء المجلس الرئاسي، وبين جهات مفترض أن تكون خاضعة للمجلس، خصوصاً بعد الاشتباكات التي شهدتها محافظة شبوة.

مصادر في قصر المعاشيق قالت لـ"العربي الجديد"، الثلاثاء، إن النقاشات التي جرت في الرياض حول الملفات الشائكة داخل مجلس القيادة أفضت إلى حلحلتها، وقرّبت وجهات النظر بين أعضاء المجلس في العديد من الملفات العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية وغيرها، كما أن رؤى أعضاء المجلس متوافقة حول الخيارات الممكنة تجاه التداعيات المتوقعة، في ضوء فشل الهدنة مع الحوثيين والتطورات على الأرض.

وفور وصوله إلى عدن، اتهم العليمي، في تغريدات عبر "تويتر"، "المليشيات الحوثية بإحباط آمال شعبنا في تحقيق السلام والاستقرار، وفي مقدمة ذلك استمرار الهدنة وتوسيعها، وصرف مرتبات أهلنا المقهورين في المناطق الخاضعة لها بالقمع والنهب".

وأعلن أنه سيعمل مع أعضاء مجلس القيادة الرئاسي والحكومة "بلا كلل من أجل تلبية تلك الاحتياجات، وسنظل على العهد الذي قطعناه لشعبنا في الداخل والخارج حتى تتحقق أهداف شعبنا وتطلعاته في كل مكان".

وتابع أنه عاد إلى عدن يحمل "هموم واحتياجات كل اليمنيين واليمنيات، وأولها الحاجة إلى السلام، والحرية، والأمن، والعيش الكريم، عملاً بتعهداتنا المعلنة، رغم كل التحديات التي تواجهنا وإخواني في مجلس القيادة الرئاسي، والحكومة".

كما نقلت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) التابعة للحكومة، عن العليمي، إعرابه عن ارتياحه لنتائج الجولة الرئاسية، "بما في ذلك إعادة القضية اليمنية إلى زخمها العالمي، وحشد الدعم الإقليمي والدولي إلى جانب مجلس القيادة الرئاسي والحكومة وإصلاحاتهما الجارية في مختلف المجالات".

وأثنى العليمي على استجابة السعودية والإمارات "للاحتياجات والتدخلات الإنمائية، والخدمية، التي ستثمر قريباً عن افتتاح وتنفيذ عدد من المشروعات الحيوية، إضافة إلى التحسن المأمول في سعر صرف العملة الوطنية، والأوضاع الاقتصادية"، وفق قوله.

عودة العليمي إلى عدن تأتي في ظل العديد من المتغيرات التي تمر بها الأزمة اليمنية على مختلف الصعد، أبرزها فشل الجهود الأممية والدولية حتى اللحظة في الوصول إلى هدنة جديدة في اليمن، بعد رفض الحوثيين تجديدها، فيما يبدو أن بوادر عودة الحرب تقرع طبولها على خلفية تحشيد الأطراف في مختلف الجبهات.

وقال وكيل وزارة الإعلام اليمنية أسامة الشرمي، لـ"العربي الجديد"، إنه "بعد فشل جهود تجديد الهدنة مع مليشيات الحوثي، رغم المساعي التي بذلها الأشقاء والمجتمع الدولي لإقناعهم بتجديدها، ومع تعنّت هذه الميليشيا ورفضها كل المبادرات والمساعي المؤدية إلى تحقيق عملية سلام واسعة في اليمن، كان لا بد للقيادة السياسية أن تكون حاضرة في الميدان كي تقود أي عمل سياسي أو عسكري تفرضه الضرورة خلال الأيام المقبلة، ضد مشروع إيران الهدام في اليمن".

وأضاف "عاد الرئيس إلى عدن محمَّلاً بهموم الناس ومحفوفاً بآمالهم، ومصحوباً بدعم كبير جداً من الأشقاء في التحالف العربي، وتأييد المجتمع الدولي".

وكانت الحكومة اليمنية قد صعّدت، الاثنين الماضي، حدّة خطاباتها مطالبة، في اجتماع لها بقصر المعاشيق في عدن، بالاستعداد لاستكمال استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب.

وأكد رئيس الوزراء معين عبد الملك ضرورة رفع الجاهزية للتعامل مع المتغيرات المحتملة في مختلف الجوانب، بما يؤدي إلى تحقيق تطلعات الشعب اليمني في استكمال استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب. ووجّه الوزارات والجهات الحكومية بمضاعفة جهودها وفق المعطيات الجديدة، بما في ذلك تفعيل أداء مؤسسات الدولة، وتسريع مسار الإصلاحات، وتخفيف معاناة المواطنين المعيشية، وتحسين الخدمات.

وجدد مجلس الوزراء التزام الحكومة بنهج السلام الشامل والمستدام القائم على المرجعيات المتفق عليها محلياً والمؤيدة إقليمياً ودولياً، وبما يلبي تطلعات الشعب اليمني في استعادة مؤسسات الدولة، وإنهاء انقلاب المليشيات الحوثية المدعومة من إيران.

وكرر الدعوة للمجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته في الضغط على مليشيا الحوثي وداعميها في إيران للجنوح إلى السلام، وتنفيذ ما عليها من التزامات، تنصّلت منها بموجب بنود الهدنة الإنسانية. كما أكد على القوات المسلحة والأمن رفع الجاهزية والاستعداد للقيام بمهامها في الدفاع عن الوطن، واستكمال استعادة الدولة، وإنهاء الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانياً، موجهاً التحية للإسناد الشعبي، والالتفاف الواسع حول القوات المسلحة والأمن لاستئصال الإرهاب، وملاحقة عناصره الضالة.

وقال العميد في الجيش الوطني إبراهيم المازني، لـ"العربي الجديد"، إن قوات الجيش رفعت من جاهزيتها، وتنتظر أي توجيهات تصدر من القيادة العليا، لأن الخيار الوحيد لفرض السلام هو استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب.

واعتبر المازني أن "المليشيات الحوثية تسعى لكسب الوقت للحصول على دعم من هنا أو هناك، وجمع أكبر قدر من الجبايات، لذلك فإن هدفها الأول من المفاوضات كان التركيز على الجانب المالي، والبحث عن رواتب لما يسمى العسكريين والأمنيين".

وأضاف أن "أغلب قوات الجيش والأمن من أبناء الشمال انضمت إلى قوات الشرعية، سواء في مأرب وتعز أو في الساحل الغربي، فيما الأفراد والضباط الجنوبيون انضموا إلى قوات النخب والأحزمة الأمنية والعسكرية والدعم والإسناد والقوات الخاصة وغيرها الموجودة في الجنوب".

وتابع: "كما أن خمس مناطق عسكرية من أصل سبع خارج سيطرة الحوثيين، لذلك فإن الحوثيين يسعون إلى الحصول على مزيد من الأموال لشن حروبهم على الشعب اليمني".