العدد 1471 /28-7-2021

أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أن الفلسطينيين يريدون أراضيهم ورفع رايتهم فوق بيوتهم، مؤكدا في الوقت نفسه عقده لقاءين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت ووزير أمنه بني غانتس.

وفي مقابلة مع شبكة "سي أن أن" الأميركية ، قال العاهل الأردني: "إننا دوما ننظر للنصف الممتلئ من الكأس. وكوني أول زعيم من المنطقة يزور الولايات المتحدة، كان من المهم أن نوحد رسائلنا، فكان من المهم أن ألتقي القيادة الفلسطينية بعد الصراع الأخير حيث التقيت بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، وكذلك أن ألتقي أيضا برئيس الوزراء ووزير الأمن الإسرائيليين، لأنه علينا فعلا أن نعيد الجميع إلى طاولة الحوار، بحثنا عن طرق لإعادة إطلاق المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين".

وتابع: "ربما علينا أن نتفهّم أن الحكومة الإسرائيلية الحالية قد لا تكون الأنسب لحل الدولتين، الذي برأيي هو الحل الوحيد. فكيف إذاً بإمكاننا بناء جسور التفاهم بين الأردن وإسرائيل، حيث إننا لم نكن على وفاق مؤخرا. ولكن الأمر الأهم هو كيف يمكننا أن ندعو الفلسطينيين والإسرائيليين للحوار مجددا. لقد خرجت من هذه اللقاءات (مع الفلسطينيين والإسرائيليين) متفائلا".

ولم يقدم العاهل الأردني تفاصيل أخرى بشأن لقاءيه مع بينت وغانتس ولا موعديهما، فيما كان موقع "واللاه" الإخباري كشف أن بينيت التقى ملك الأردن سرا في قصر في عمّان، أوائل الشهر الجاري، في أول قمة بين قادة البلدين منذ أكثر من 3 سنوات.

وحول القضية الفلسطينية، أكد العاهل الأردني أن الفلسطينيين يريدون أراضيهم، ورفع رايتهم فوق بيوتهم.

وحول التطورات الأخيرة والظروف التي رافقت العدوان على غزة، قال ملك الأردن: "عندما تنشب صراعات، فإننا نعلم ماذا سيحصل، هناك خسارة للأرواح ومآس للجميع. أما الحرب الأخيرة مع غزة هذه المرة، فكانت مختلفة. إنها المرة الأولى منذ عام 1948 التي أشعر بأن هناك حربا داخل إسرائيل، عندما تنظر إلى القرى والمدن، والصدام بين عرب إسرائيل والإسرائيليين. وأعتقد أن ذلك كان بمثابة صحوة للجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، من عواقب عدم التقدم إلى الأمام وعدم منح الفلسطينيين الأمل، فإذا فقد الفلسطينيون الأمل، فستكون الحرب التالية أكثر ضررا، وفي هذا الصراع الأخير لم يكن هناك فائز".

كما علق العاهل الأردني على طرح دوري جولد، مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، أن على الأردن أن يبدأ التفكير بنفسه، والدولة الفلسطينية هي الأردن، وأن الفلسطينيين يشكلون 60-70 بالمئة من سكان الأردن. وفي هذا السياق، قال الملك عبدالله الثاني: "لهؤلاء الأشخاص أجندات يريدون تنفيذها على حساب الآخرين. الأردن هو الأردن. لدينا مجتمع مختلط من خلفيات عرقية ودينية مختلفة، وقد أخالفك في صحة النسب التي ذكرتها، لكن هذا بلدنا. الفلسطينيون لا يريدون أن يكونوا في الأردن. إنهم يريدون أراضيهم ورايتهم ليرفعوها فوق بيوتهم، ومنتخبهم الوطني لكرة القدم".

وأضاف: "هذا الطرح يقودنا إلى خطاب خطير جدا. إذا لم نتحدث عن حل الدولتين، هل البديل هو حل الدولة الواحدة؟ هل ستكون عادلة وشفافة وديمقراطية؟ أعتقد أن حل الدولة الواحدة يضع تحديات أكثر بكثير أمام هؤلاء الذين يناصرون هذا الخطاب في إسرائيل مقارنة بحل الدولتين، وهو الحل الوحيد. هل ستطرد كل الفلسطينيين من بيوتهم في الضفة الغربية، وتتسبب بانعدام استقرار الجهة الأخرى؟ في نهاية المطاف، للأردن الحق في إبداء رأيه في هذا الأمر. وأعتقد أننا حددنا خطوطنا الحمراء بوضوح".

كذلك، تطرق العاهل الأردني إلى لقائه، أخيرا، مع الرئيس الأميركي جو بايدن. وفي هذا الإطار، قال "تربطني علاقة قوية جدا مع جميع الرؤساء، ولطالما كانت مباحثاتي معهم مثمرة ومبنية على الاحترام المتبادل والتفاهم. أنا أعرف الرئيس بايدن منذ كنت شابا، فهذه صداقة قديمة. وكنت سعيدا جدا لرؤيته في البيت الأبيض".

وحول الأحداث التي شهدها الأردن وصارت تعرف بـ"قضية الفتنة"، قال الملك عبد الله الثاني: "عندما ننظر إلى الأزمات حول العالم، وأعتقد أنه في هذا الزمن عادة ما ننظر إلى الأزمات بشكل منعزل دون فهم المسيرة التي خاضها بلد مثل الأردن، والتي شهدت عدم الاستقرار في المنطقة، والحروب، وأزمة اللاجئين، وفيروس كورونا. وقد مر علينا عدد من الشخصيات التي عادة ما تستغل إحباط الناس ومخاوفهم المشروعة وهم يسعون لتحسين سبل معيشتهم، للدفع بأجنداتهم الخاصة وطموحاتهم. وأعتقد أن ما جعل هذا أمرا محزنا جدا هو أن أحد هؤلاء الأشخاص هو أخي، الذي قام بذلك بشكل مخيب للآمال".

وفي السياق ذاته، أكد أن "الأجهزة الأمنية قامت، كما تفعل دوما، بجمع المعلومات، ووصلت إلى مرحلة تولدت لديها مخاوف حقيقية من أن أشخاصا معينين كانوا يحاولون الدفع بطموحات أخي لتنفيذ أجنداتهم الخاصة، وقررت الأجهزة الأمنية وأد هذا المخطط في مهده وبهدوء. ولولا التصرفات غير المسؤولة بتسجيل المحادثات مع مسؤولين أردنيين بشكل سري وتسريب مقاطع الفيديو، لما وصلت فينا الأمور للحديث عن هذه القضية في العلن".

وتابع: "من السهل جدا استغلال مظالم الناس لتحقيق أجندات شخصية، لكن هل أنت صادق وأنت تحاول أن تقوم بذلك؟ وفي المحصلة، نحن نتحمل جميعا مسؤولية مشتركة في إيجاد الحلول لمشاكل الشعب. ولهذا، فإن ما حدث كان أمرا مؤسفا، وغير ضروري، وأوجد مشاكل كان بالإمكان تجنبها".

وشدد على أنه "تم التعامل مع هذا الملف كشأن داخلي، ونعرف جميعا أن باسم، الذي عمل في السابق في الأردن، هو مستشار رفيع المستوى في السعودية، ويحمل جوازي سفر سعودي وأميركي. لاحظنا وجود ارتباطات خارجية بما يخص هذه القضية، لكن كما قلتُ، نحن نتعامل مع هذا الملف كشأن محلي. ومجددا، أعتقد أنه بالنسبة للأردن، لن يساعدنا توجيه أصابع الاتهام للآخرين، فهناك ما يكفي من تحديات في المنطقة، ونحن نحتاج للمضي إلى الأمام. ولطالما كان هذا نهج الأردن وهو النظر للمستقبل. وأعتقد أنه علينا التخفيف من التحديات والصعوبات بدلا من إضافة المزيد منها".

وخلال اللقاء، حذر العاهل الأردني من الوضع في لبنان بالقول "يعاني الناس من أزمة، هناك مجاعة وشيكة الحدوث، والمستشفيات لا تعمل، وهذا تم طرحه في الكثير من النقاشات التي أجريناها، وأعلم أن الولايات المتحدة تعمل مع فرنسا على هذا الملف. ولكن عندما تصل الأزمة إلى أسوأ حالاتها، وهو ما سيحصل في غضون أسابيع، ماذا يمكننا أن نفعل كمجتمع دولي للتدخل؟ والسؤال هو، هل من الممكن بناء خطط بصورة توجه المنطقة نحو الاتجاه الصحيح".