العدد 1520 /20-7-2022

بقلم: صابر غل عنبري

عقد زعماء إيران وتركيا وروسيا، وهي الدول الثلاث الضامنة لمسار أستانة حول سورية، مساء اليوم الثلاثاء، اجتماعهم الثالث في طهران للتباحث بشأن الأزمة السورية.

وفي مطلع الاجتماع، بمشاركة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، طرح كل منهم مواقف بلاده تجاه الوضع السوري، ما أظهر انسجاما بين الموقفين الإيراني والروسي، وتباينا مع الموقف التركي.

وقال الرئيس التركي إن أكبر فائدة للشعب السوري ستكون التخلص من "وحدات حماية الشعب الكردية"، وأكد أن بلاده تتوقع من إيران وروسيا "مساندة جهود تركيا في مكافحة الإرهاب"، معلنًا أن "معركة تركيا مع الإرهاب ستستمر دون النظر لمن يدعمها".

وقال أردوغان: "أرى أن إيران وروسيا تتفهمان المخاوف الأمنية التركية، لكن الكلمات وحدها لا تكفي"، معربًا عن أمله في أن تحظى بلاده بدعم روسيا وإيران في "مواجهة الإرهاب في سورية".

وأكد أردوغان أن تركيا لن تصمت تجاه تحركات "الإرهابيين" في سورية، وقال إنها تريد إبعادهم عن حدودها إلى مسافات كبيرة، مطالبا الأطراف الأخرى بألا تتوقع أن تصمت تركيا أمام هذه التنظيمات، وأضاف أن اجتماعات أستانة المتلاحقة "لم تفض إلى حلول سياسية للأزمة السورية"، داعيا إلى "الدعم الكامل لتسريع الحل السياسي والدبلوماسي" لهذه الأزمة.

واعتبر أن تمديد مساعدات الأمم المتحدة الإنسانية إلى سورية لستة أشهر ليس كافيا، في انتقاد ضمني للضغوط التي مارستها موسكو في مجلس الأمن الدولي.

وتطرق الرئيس التركي إلى أوضاع إدلب، وقال إن الهدوء الذي تشهده هذه المنطقة هو "نتيجة مسار أستانة"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن "تركيا تتفهم القلق من وجود بعض الأطراف في إدلب"، وأكد على جهود تركيا لإيجاد حلول أساسية في هذه المنطقة، مضيفا أن أنقرة "تقدم الدعم الإنساني لأربعة ملايين لاجئ (..) ونصف مليون لاجئ عادوا إلى بلادهم".

وطالب أردوغان بدعم اللاجئين السوريين "لكي لا تتحمل تركيا وحدها دعمهم".

وفي كلمة له في الاجتماع، أكد الرئيس الإيراني أن طهران "ستواصل دعمها لسورية بقوة"، داعيا الولايات المتحدة إلى الانسحاب من سورية "سريعا".

وشدد رئيسي على "ضرورة الحفاظ على وحدة أراضي سورية وسيادتها"، منتقدا العقوبات الأميركية والأوروبية ضد النظام السوري.

وفي السياق، أضاف الرئيس الإيراني أن "الأطراف التي أخفقت في الوصول لأهدافها بالحرب في سورية تريد تحقيق هذا الهدف عبر العقوبات الأحادية"، وتابع أن "السبيل الوحيد لاستتباب الأمن على حدود سورية هو الحضور القوي للجيش السوري على هذه الحدود"، متهما أميركا بـ"نهب الثروات والموارد السورية".

وندد رئيسي بالهجمات الإسرائيلية على سورية واستمرار احتلال الجولان، قائلا إن "الحلول الأجنبية تسبب تعقيد الأزمة السورية".

وكان بوتين قد شدد، خلال استقباله من المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، أن "موقف إيران وروسيا موحد في رفض الهجوم على شمالي سورية"، مضيفا أنه "يجب إعادة شرق الفرات في سورية إلى سيطرة القوات العسكرية السورية"، في إشارة إلى قوات النظام السوري.

إلى ذلك، أكد البيان الختامي أن الرؤساء أكدوا على أهمية مسار أستانة في "التسوية السلمية والمستدامة للأزمة السورية"، وجددوا التأكيد على التزامهم باستقلال ووحدة الأراضي السورية.

ورغم الرفض الروسي والإيراني للعملية التركية المرتقبة في شمال سورية، أعرب الرؤساء عن رفضهم للمحاولات الرامية إلى "خلق حقائق جديدة على الأرض بذريعة مكافحة الإرهاب، بما في ذلك مبادرات الحكم الذاتي غير المشروعة، وأعربوا عن تصميمهم على الوقوف في وجه المخططات الانفصالية الهادفة إلى تقويض سيادة سورية وسلامتها الإقليمية".

كما ناقش رؤساء إيران وتركيا وروسيا الوضع في الشمال السوري، مؤكدين على أن "الأمن والاستقرار في هذه المنطقة لن يتحققا إلا على أساس الحفاظ على سيادة سورية ووحدة أراضيها" والدعوة إلى تنسيق جهودهم بهذا الشأن، ومع رفضهم الاستيلاء على عائدات بيع النفط السوري.

إلى ذلك، جدد المجتمعون التأكيد على تصميمهم على "تعاونهم المستمر للقضاء على الإرهابيين في نهاية المطاف من الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات مع ضمان حماية المدنيين والهياكل الأساسية المدنية وفقا للقانون الإنساني الدولي".

وفي بنده السابع، أكد البيان أن رؤساء تركيا وإيران وروسيا استعرضوا بالتفصيل الوضع في منطقة خفض التصعيد بإدلب، داعين إلى "ضرورة الحفاظ على الهدوء فيها عبر تنفيذ جميع الاتفاقيات المتعلقة بإدلب بشكل كامل، مع التعبير عن القلق من وجود وأنشطة الجماعات الإرهابية التي تشكل خطرا على المدنيين داخل وخارج هذه المنطقة".

وأعرب المشاركون في قمة أستانة السابعة عن قلقهم البالغ تجاه الوضع الإنساني في سورية، ورفضهم جميع العقوبات الأحادية ضدها ومنح إعفاءات "تمييزية" لمناطق خاصة، و"التي يمكن أن تؤدي إلى تفكيك هذا البلد من خلال دعم الأجندات الانفصالية".

وإلى ذلك أيضا، أكدوا على أن "الصراع في سورية ليس له حل عسكري إلا من خلال إطلاق العملية السياسية التي يقودها السوريون تماشيا مع قرار مجلس الأمن رقم 2254"، مع الإشارة في السياق إلى "الدور المهم" للجنة الدستورية المنبثقة عن جهود ضامني أستانة وتنفيذ قرارات مؤتمر الحوار السوري في سوتشي.

كما أعلن المشاركون في القمة عن استعدادهم لـ"دعم التفاعل المستمر مع أعضاء اللجنة والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة غير بيدرسن، مع التأكيد على ضرورة أن تحترم اللجنة الاختصاصات والقواعد الإجرائية الأساسية للتمكن من تنفيذ مهمتها في إعداد وصياغة إصلاحات الدستور لإخضاعه للتصويت الشعبي من دون تدخل أجنبي ومن خلال روح تصالحية ومشاركة بناءة".

والبند العاشر من البيان أورد تأكيد المجتمعين على "مواصلة العمليات المرتبطة بالِإفراج المتبادل عن المحتجزين والمختطفين في إطار مجموعة العمل المنبثقة عن مسار أستانة، مع العمل على تسليم الجثث والبحث عن المفقودين.

ثم أكدوا ضرورة "تسهيل العودة الآمنة والطوعية للاجئين والنازحين داخليا إلى بيوتهم ومناطقهم الأصلية في سورية مع دعوة المجتمع الدولي إلى المشاركة والمساهمة في إعادة توطينهم وتحمل أكبر قدر من المسؤولية في تقاسم الأعباء"، مطالبين بدعمهم في سورية من خلال المساهمة في مشاريع البنى التحتية والمياه والكهرباء والصرف الصحي والصحة والتعليم والمدارس والمستشفيات.

ثم أدان زعماء الدول الضامنة لمسار أستانة العمليات العسكرية الإسرائيلية في سورية، مع اعتبارها "انتهاكا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وسيادة سورية ووحدة أراضيها، مع التشديد على أنها تزعزع الاستقرار وتزيد من التوتر في المنطقة".