العدد 1611 /1-5-2024

في الوقت الذي تتسارع فيه الجهود والاتصالات الدولية والإقليمية التي تهدف للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وإبرام صفقة تبادل للأسرى بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، وبينما يبدي بعض الوسطاء "تفاؤلاً" حول التوصل إلى ذلك الاتفاق، كشفت مصادر من داخل "حماس" عما وصفتها بـ"المحددات" الأساسية للحركة، من أجل القبول بالمقترح الجديد للهدنة الذي قدمه الوسطاء.

وقال مصدر بالحركة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "محددات حركة حماس من أجل قبول المقترح، هي: إضافة كلمة الكامل في الفقرة التي تنص على أن إسرائيل تبدي استعدادها للانسحاب، وعودة النازحين جميعاً، دون الاعتراض الإسرائيلي على عودة العسكريين، وتقديم ضمانات كافية لوقف إطلاق النار".
ديمومة وقف إطلاق النار في غزة
ونفى مصدر قيادي بالمقاومة الفلسطينية ما أثير بوسائل إعلام عبرية، بشأن قبول حركة حماس التخلي عن شرط الوقف الدائم لإطلاق النار في غزة، أو القبول بعدم الانسحاب الكامل من قطاع غزة، خلال المناقشات الخاصة بالرد الإسرائيلي المطروح في الاجتماعات التي شهدتها القاهرة بين وفد الحركة والمسؤولين المصريين في القاهرة الاثنين الماضي.
وكشف القيادي أن "حماس بعد التشاور مع باقي فصائل المقاومة، وكذلك قيادة المقاومة في قطاع غزة، أبدت رفضها صيغة النص المتعلق باستعداد جيش الاحتلال الانسحاب تدريجياً من قطاع غزة". وأوضح أن "وفد الحركة الممثل للمقاومة، سلم الجانب المصري تعديلاً على هذا البند، يشترط أن يتم النص على أن يكون الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة بشكل كامل، وألا يترك الأمر بصيغته الراهنة"، لافتاً، في الوقت نفسه، إلى أن المقاومة "أبدت مرونة فيما يخص القبول بالانسحاب التدريجي، شريطة أن يتم النص على الانسحاب الكامل".
وكشف القيادي عن "وجود تباين بين رؤية المقاومة والنص المطروح من الاحتلال بشأن عودة سكان القطاع إلى مناطق شمال غزة التي نزحوا منها"، لافتاً إلى أن "الاحتلال وضع نصاً يشترط عودة المدنيين فقط، دون أن يحدد تفاصيل من الذي ينطبق عليه صفة المدني ومن لا ينطبق عليه هذه الصفة، وهو الأمر الذي ترفضه المقاومة، التي تتمسك بعدم وضع أي قيود أو شروط على عودة المواطنين إلى الشمال".
تقدم في شق الأسرى
وكشف القيادي في المقاومة أن "الشق الخاص بتبادل الأسرى وتصنيفاتهم، هو الذي شهد تقدماً أكبر في المناقشات"، مشيراً إلى "حسم الغالبية العظمى من النقاط المتعلقة به". وشدد على أنه "إذا لم يقدم الاحتلال طروحات متماسكة لا يشوبها ثغرات بشأن التفاوض حول وقف إطلاق النار في غزة وعودة المواطنين للشمال، فإن الوضع سيبقى على ما هو عليه، ولن يتزحزح للأمام". وأكد، في الوقت نفسه، أن المقاومة "أبدت مرونة في تفاصيل أخرى (لم يذكرها) تجاوباً مع جهود الوسطاء في مصر وقطر، إلا أن حكومة الاحتلال تتمسك بالمراوغة، ظناً منها أن بمقدورها تحرير أسراها ثم العودة لمواصلة الحرب".
وأشار إلى أن "الإدارة الأميركية لم تتمكن حتى الآن من إلزام حكومة الاحتلال بإبداء مرونة بشأن وقف إطلاق النار في غزة بشكل كامل خلال المفاوضات، وأنه في يد المقاومة أوراق ضغط رابحة، وهي الأسرى".
وكان وفد من حركة حماس، بقيادة عضو المكتب السياسي خليل الحية، قد غادر العاصمة المصرية القاهرة، مساء أول من أمس الاثنين، بعد زيارة خاطفة، التقى خلالها رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل، لاستيضاح بعض النقاط والتفاصيل في الرد الإسرائيلي على المقترح، على أن يعود الوفد مرة أخرى إلى مصر ‏بـ"رد مكتوب على مقترح صفقة التهدئة"، بحسب ما أكدته مصادر مصرية.
وقال الأستاذ في العلوم السياسية بجامعة الأزهر في غزة، الدكتور مخيمر أبو سعدة، لـ"العربي الجديد"، إنه "من الواضح أن هناك جهوداً جدية تبذل هذه المرة من أجل التوصل إلى هدنة وصفقة تبادل أسرى".
وأضاف أبو سعدة: "أعتقد أن الجهود قد تنجح، وهناك فرصة كبيرة لهذا، لسببين، الأول أن المقترح المصري مختلف عن المقترحات السابقة، فهو يتحدث عن إطلاق سراح ما بين 20 إلى 30 رهينة إسرائيلية مقابل يوم لكل رهينة، ومن ثم يتم تمديد وقف إطلاق النار في غزة إلى وقف إطلاق نار نهائي، وكذلك هذا الاقتراح يعمل في ما بعد على هدنة لمدة عام، وخلق مسار سياسي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي". وتابع: "صحيح أن هناك معارضة من جانب اليمين الإسرائيلي المتطرف والمتمثل في (إيتمار) بن غفير و(بتسليئيل) سموتريتش، لكن الضغط الدولي يمكن أن يعالج هذه المسألة".
وتابع: "ثانياً أعتقد أن لا أحد يريد مذبحة ومجزرة في رفح، فالولايات المتحدة ترفض ذلك، وأيضاً المجتمع الدولي، وإسرائيل تتخوف من ردة الفعل على مستوى العالم، لأن هناك تظاهرات في الجامعات حول العالم ترفض الحرب، ولذلك أعتقد أن فرص نجاح التوصل لاتفاق هذه المرة، أفضل من سابقاتها".
إسرائيل لم تحسم أمرها بعد
من ناحيته، قال السياسي الفلسطيني، والنائب السابق بالكنيست، جمال زحالقة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "بالرغم من كل الضجيج، يبدو أن إسرائيل لم تحسم أمرها بعد، والدليل هو تصريحات الوزراء في حكومة الاحتلال، فمن جهة يقول (بيني) غانتس و(غادي) أيزنكوت إنه إذا لم تكن هناك صفقة فإنهما سينسحبان من الحكومة، وهذا سيعرض (بنيامين) نتنياهو لانتقادات شديدة في الرأي العام الإسرائيلي، وهو لا يريد ذلك". واعتبر أن "نتنياهو لا يريد هذين الوزيرين في الحكومة، لكنه لا يريد منهما أن ينسحبا على خلفية قضية الأسرى، لأن ذلك يؤلب الجمهور ضده".
وتابع زحالقة: "من جهة أخرى، نجد أن سموتريتش وبن غفير يقولان إنه إذا تمت الصفقة، فإنهما سينسحبان من الحكومة وسيقومان بإسقاطها. الحكومة لن تسقط فوراً لأن غانتس و(يئير) لابيد سيدعمانها ويمنعان سقوطها على هذه الخلفية، لكن بالتأكيد عمرها سيكون قصيراً جداً".
وأشار إلى أنه "بالنسبة لنتنياهو، فإن قضية المحتجزين مرتبطة ارتباطاً وثيقاً ومباشراً ببقاء حكومته، وبالتالي هو لم يحسم أمره بعد، لكن أعتقد أنه أميل إلى عدم إبرام صفقة ومواصلة الحرب، ربما بوتيرة أعلى، فالقاعدة الانتخابية لنتنياهو والمجموعة التي تعطيه استشارة أمنية، لا تريد أن تتوقف الحرب على خلفية المحتجزين، ولهذا السبب ربما سنرى نتنياهو سيحاول أن يجد حلاً وسطاً، ربما يكون وقفاً مؤقتاً لإطلاق النار وبعدها يريد أن يكمل الحرب. ولكن أعتقد أن حماس متيقظة لهذا الأمر، وهي لن تقبل بصفقة تسمح لنتنياهو أن يجتاح رفح بعد إتمامها".