العدد 1506 /30-3-2022

قتل خمسة إسرائيليين، وأصيب آخرون بجراح حرجة، في عملية إطلاق نار نفذها فلسطيني من الضفة الغربية في بلدتي بني باراك ورمات غان الواقعتين قرب مدينة تل أبيب، وسط الأراضي الفلسطينية المحتلة، مساء اليوم الثلاثاء.

واستشهد منفّذ العملية ضياء حمارشة (27 عاماً) بعد إطلاق النار عليه من قبل الشرطة الإسرائيلية، وهو من بلدة يعبد غرب جنين في الضفة الغربية المحتلة.

وأوضحت الشرطة الإسرائيلية في بيان أن منفذ العملية يقيم في إسرائيل من دون تصريح، وسبق أن كان معتقلاً في السجون الإسرائيلية.

وأضاف البيان أن منفذ العملية أطلق النار بداية في شارع بمدينة بني باراك وهو على متن دراجة نارية، ثم أكمل إطلاق النار في بلدة رمات غان المحاذية لبني باراك والمتداخلة معها في أحياء مشتركة.

وأشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أن أحد القتلى هو الشرطي الذي أطلق النار على المنفذ.

وأفادت الصحيفة كذلك أن الشرطة الإسرائيلية ألقت القبض على اثنين آخرين في المنطقة يشتبه في أنهما قدّما المساعدة للمنفذ.

ولفتت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينت سيجري الليلة مشاورات أمنية مع كل من وزير الأمن بني غانتس، ورئيس أركان الجيش أفيف كوخافي، ورئيس جهاز الشاباك رونين بار.

وهذه العملية هي الثالثة خلال نحو أسبوع، بعد عمليتي بئر السبع الأسبوع الماضي والخضيرة يوم الأحد، اللتين أسفرتا عن مقتل 6 إسرائيليين.

مسيرة في يعبد واعتداءات للمستوطنين بالضفة

وفور الإعلان عن هوية منفذ العملية من قرية يعبد، توجهت مسيرة عفوية صوب منزل الشهيد حمارشة، فيما شن مستوطنون هجمات ضد الفلسطينيين ومركباتهم في الضفة الغربية.

وقالت مصادر محلية: "إنه فور إعلان الاحتلال عن هوية المنفذ، تجمع عشرات الشبان وسط البلدة وهم يهتفون باسم الشهيد (ضياء حمارشة)، مرددين الشعارات التي تمجد المقاومة الفلسطينية".

في هذه الأثناء، هاجم مستوطنون، يوم الثلاثاء، مركبات الفلسطينيين في عدة مناطق من الضفة الغربية عقب العملية، حيث هاجم مستوطنون، مساء اليوم، مركبات الفلسطينيين بالحجارة قرب بلدة بورين جنوب نابلس وقرب بلدة برقة شمال غرب نابلس، شمالي الضفة الغربية، كما هاجم مستوطنون في عدة مناطق بالخليل، مساء اليوم الثلاثاء، مركبات الفلسطينيين بالحجارة، ما ألحق أضرارًا بها.

كما هاجم مستوطنون، الليلة، المركبات الفلسطينية المارة بالمدخل الشمالي لمدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله وسط الضفة الغربية (ما يعرف بحاجز بيت إيل) بالحجارة، وسط تجمهر عشرات المستوطنين بالقرب من الحاجز في مكان قريب من منازل المواطنين الذين يقطنون في حي البالوع في مدينة البيرة، والذين يتخوفون من الهجوم على منازلهم.

وبحسب حديث شهود عيان في المكان لـ"العربي الجديد"، فإن المستوطنين حاولوا قطع الشارع باتجاه منازل المواطنين، وتقوم الشرطة الفلسطينية في هذه الأثناء بإغلاق الطريق المؤدي إلى الحاجز أمام مركبات الفلسطينيين، وهناك تجمهر للشبان الفلسطينيين في المكان.

كما هاجم مستوطنون، الليلة، قرية مردا شمال سلفيت شمالي الضفة الغربية، وحطموا عددًا من نوافذ بيوتها.

وأغلق جيش الاحتلال الإسرائيلي، في وقت متأخر من مساء اليوم، الطريق الواصل بين رام الله ونابلس وشمال الضفة الغربية، بعد اعتداءات من المستوطنين الذين تجمّعوا قرب مفرق مستوطنة "شيلو" المقامة على أراضي الفلسطينيين، وقرب قرية اللبن الشرقية جنوب نابلس.

وأفاد الصحافي محمد غفري، من بلدة سنجل شمال رام الله، "العربي الجديد" بأن أهالي بلدة سنجل يستقبلون العالقين في الطريق في البلدة إلى حين إعادة فتحها.

من جهة ثانية، أغلقت قوات الاحتلال، الليلة، حاجز شوفة العسكري المقام جنوب شرق طولكرم شمالي الضفة، وحاجز جبارة جنوب طولكرم، ومنعت المركبات من المرور.

وأصيب شاب فلسطيني من بلدة سلوان جنوب البلدة القديمة من القدس، الليلة، بجروح متوسطة، بعد تعرضه للدهس من قبل مستوطن إسرائيلي عند مدخل مستوطنة "معاليه أدوميم" جنوب شرق القدس المحتلة.

وفي حي الصوانة وبلدة الطور إلى الشرق من البلدة القديمة من القدس، هاجم مستوطنون، الليلة، بالحجارة، مركبات الفلسطينيين المارة بمحاذاة البؤرة الاستيطانية "بيت أوروت" المقامة هناك.

وأفاد شهود عيان بأن مواجهات اندلعت هناك بين الأهالي والمواطنين، فيما دفعت قوات الاحتلال بأعداد كبيرة من جنودها إلى المنطقة حيث لا يزال التوتر شديداً، فيما عززت قوات الاحتلال وجودها في حي الشيخ جراح بالقدس بعد دعوات أطلقها مستوطنون للتوجه إلى الحي.

وفي باب العمود بالقدس المحتلة، اندلعت مواجهات، مساء اليوم، بين الشبان وقوات الاحتلال التي كانت هاجمت تجمعاً كبيراً من الشبان احتشد في الساحة الرئيسة وعلى المدرجات، وشرعوا بترديد الهتافات ابتهاجاً بالعملية الفدائية في "بني براك" بتل أبيب.

في سياق آخر، أقام مستوطنون، اليوم الثلاثاء، بؤرة استيطانية جديدة قرب تجمع عرب المليحات في منطقة المعرجات، قرب أريحا شرقي الضفة الغربية، في منطقة مقابلة لبؤرة استيطانية أخرى أقيمت قبل عدة أشهر، كما تمكن فلسطينيون من إزالة بؤرة أخرى جنوب نابلس شمالي الضفة الغربية.

"حماس" و"الجهاد" تباركان العملية

من جانبها، باركت حركة "حماس" العملية "البطولية" ضدّ جنود الاحتلال في "تل أبيب"، مؤكدة أنّ "كل العمليات البطولية التي يقوم بها أبناء شعبنا الفلسطيني، في كلّ شبر من أرضنا المحتلة، تأتي في سياق الرَّد الطبيعي والمشروع على إرهاب الاحتلال وجرائمه المتصاعدة ضدّ أرضنا وشعبنا ومقدساتنا".

ونبهت "حماس" إلى "أنَّنا حذّرنا الاحتلال مراراً من مغبّة تصعيد انتهاكاته وجرائمه، فشعبنا الفلسطيني لن يبقى مكتوف الأيدي أمامها، وسيتصدّى لإرهابه بكلّ الوسائل، وسيحمي قدسه وأقصاه وكامل أرضه المحتلة، وسيدافع عنها بالمقاومة الشاملة، التي ستتواصل ردعاً للاحتلال، وكبحاً لجماح عدوانه، حتّى رحليه عن أرضنا".

أما حركة "الجهاد الإسلامي" فاعتبرت العملية "تأكيداً للإصرار الفلسطيني على تدفيع الاحتلال ثمن عدوانه وإرهابه"، مشيرةً إلى أنّ "الاحتلال يتحمل كامل المسؤولية عما يرتكبه من جرائم، وهذه العمليات هي رد فعل طبيعي على ما أوقعه الاحتلال والمستوطنون من سفك للدماء وقتل وتدمير للمنازل واقتلاع للحقول".

وقالت إنّ "هذه العملية هي استجابة لصرخات الأطفال والأمهات والآباء الذين فقدوا الأعزاء على قلوبهم جراء جرائم العدوان الصهيوني، فيما تبلّد ضمير المجتمع الدولي وخرس لسانه أمام ذلك العدوان الغاشم".

وفي أول موقف للرئاسة الفلسطينية عقب موجة العمليات الأخيرة، أدان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مساء الثلاثاء، "مقتل مدنيين إسرائيليين"، بحسب وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية "وفا"، والتي لم تشر إلى العملية قرب تل أبيب.

وقال عباس: "إن قتل المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين لا يؤدي إلا إلى المزيد من تدهور الأوضاع، حيث نسعى جميعًا إلى تحقيق الاستقرار، خصوصًا أننا مقبلون على شهر رمضان الفضيل والأعياد المسيحية واليهودية".

وحذّر الرئيس عباس من استغلال "هذا الحادث المدان للقيام باعتداءات وردات فعل على الشعب الفلسطيني من قبل المستوطنين وغيرهم".

وأشار إلى أن "دوامة العنف تؤكد أن السلام الدائم والشامل والعادل هو الطريق الأقصر والسليم لتوفير الأمن والاستقرار للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي وشعوب المنطقة".

نضال محمد وتد