العدد 1553 /8-3-2023

تعتبر الخلية الفدائية في مخيم "عقبة جبر" جنوبي مدينة أريحا شرق الضفة الغربية؛ الخلية الفدائية الأولى في المخيم منذ 35 عاما.

هذه الخلية التي فاجأت الجميع بعملها الفدائي وتنظيمها، وظهورها في التصدي لاقتحام قوات الاحتلال، وتنفيذها سلسلة عمليات فدائية، لتكون وريثا للخلية الفدائية التي نفذت عملية إحراق حافلة لجنود الاحتلال في 31 تشرين أول/ أكتوبر عام 1988، والتي أسفرت عن مقتل عدد كبير من جنود الاحتلال.

احتضن مخيم "عقبة جبر" في أريحا هذه الخلية، وهو المخيم الأكبر للاجئين في الضفة الغربية المحتلة، لكنه ظل بعيدا عن الأحداث التي يعيشها، إلى أن انفجر مرة واحدة بهذه الخلية التي حيرت المخابرات الإسرائيلية.

واعتبر القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" من أريحا خالد براهمة، أن ما حدث في مخيم "عقبة جبر" أمر مفاجئ، وشيء جديد على أريحا.

وقال براهمة لـ "قدس برس" إنه "لم يكن شيء يحدث كهذا على مدار السنوات الماضية، وأغلب المواجهات مع الاحتلال كانت عبارة عن تصدي بالحجارة خلال الاقتحامات، أو مشاركة في فعاليات شعبية في مناسبات معينة، وهبات مثل النفق والأقصى".

وأضاف أن "مدينة أريحا كانت منطقة هادئة، ولكن تراكم الأحداث منذ معركة سيف القدس (2021) أثرت على هذا الجيل بشكل كبير، وأوجدت حالة ثورية في صفوف الشباب".

واعتبر براهمة أن ما يحدث في أريحا من عمليات مقاومة "هي عمل فردي، بعيدا عن أي عمل تنظيمي، حتى لو بدى في ظاهر الأمر أنه منظم".

ومن جهته اعتبر الكاتب والصحفي من أريحا عادل أبو نعمة، أن غياب وسائل الاعلام عن أريحا ساهم في إبقائها بعيدا عن الإعلام في فعاليتها.

وقال أبو نعمة في حديث مع "قدس برس" إنه "تاريخيا هناك نشاط سياسي ونضالي في أريحا لكنه محدود، مقارنة مع مناطق أخرى في الضفة الغربية مثل جنين ورام الله ونابلس".

وأضاف "العمليات الفدائية في أريحا تكاد تكون معدومة، باستثناء عملية باص أريحا (عام 1988) التي نفذها خمسة من أبناء المخيم، لا يزال ثلاثة منهم في سجون الاحتلال؛ وباتوا من عمداء الأسرى وهم: جمعة إبراهيم آدم، وابن خالته عبد الرحيم مؤمن تكروري، ومحمود سالم أبو خربيش، وأسفرت عن مقتل عدد كبير من جنود الاحتلال".

وأوضح أبو نعمة أن أريحا قدمت خلال 35 عاما 20 شهيدا فقط سواء خلال "انتفاضة الحجارة" أو "انتفاضة الأقصى" ولكنها قدمت خلال الأسبوع الماضي فقط خمسة شهداء.

وقال إن "الجميع فوجئ بخلية عقبة جبر الفدائية، وخروج هؤلاء الشباب من المخيم بهذه القوة والتنظيم، والأهم هذه الجرأة".

معتبرا أن "اعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين على أبناء الشعب الفلسطيني خلقت جيلاً مقاوماً، وزادت فعلاً أكبر من كل التوقعات، وإذا استمرت هذه الانتهاكات ستتواصل المقاومة".

واستعرضت أستاذة التاريخ فوزية شحادة تاريخ مخيم "عقبة جبر" ومدينة أريحا، كأقدم مدينة في تاريخ البشرية قبل عشرة آلاف سنة.

وأوضحت شحادة في حديث مع "قدس برس"أن تسمية المخيم بهذا الاسم (عقبة جبر) يشير إلى (العقبة) التي تواجه من يسلك الطريق من القدس إلى أريحا، "وكلمة (جبر) تعني النهاية المحمودة بعد العقبة، أي أنه بعد العقبة ستكون راحة البال والجبر"، وفق قولها.

وأضافت "كان تعداد سكان مخيم عقبة جبر حين تأسس عام 1948، من قبل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) خمسة وستين ألف نسمة، لكن بعد عدوان عام 1967، واحتلال القوات الإسرائيلية بقية الضفة الغربية، تم إفراغ المخيم بعد فرار سكانه الى الأردن من بطش المحتل، ولم يبق فيه سوى ثلاثة آلاف نسمة فقط".

وأضافت "تم بعد ذلك إحضار 11 عائلة من غزة، وعوائل أخرى من قرى مجاورة ليصبح تعداد سكان المخيم خمسة آلاف نسمة".

وأشارت شحادة إلى أنه كان في المخيم 10 مخاتير عام 1948، وجميعهم غادروا الى الأردن، ولم يبق غير مختار واحد فقط.

ويقع مخيم "عقبة جبر" في الجنوب الغربي لمدينة أريحا، على مسافة ثلاثة كيلومترات من مركزها، وكان قد تأسس في أعقاب نكبة عام 1948، على مساحة تقدر بحوالي ألف دونم، وأصبحت الآن 689 دونماً.

وحسب تقديرات "الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني" (تابع للسلطة) بلغ عدد سكان المخيم في منتصف العام 2022 نحو تسعة آلاف و904 نسمة.