العدد 1475 /25-8-2021

مازالت معضلة التشكيل الحكومي قائمة ومتحركة في خضم الأمواج المتلاطمة بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي . وقد لوحظ ان بعض تفاصيل هذه المعضلة متوارثة من فترة الرئيس المكلف السابق سعد الحريري الذي انتهى الى الإعتذار بعد تسعة أشهر من التكليف دون الوصول الى التأليف . وهذا ما يؤكد أن الرئيس ميقاتي مازال ملتزما السقف المحدد من قبل نادي رؤساء الحكومات السابقين والذي كان الميقاتي قد ساهم في تشييده . ومن أولى أولويات هذا السقف ، الرفض المطلق للثلث المعطل او الضامن الذي يتهم رئيس الجمهورية وفريقه بالإستحواذ عليه منفردا دون حلفائه السياسيين وفي مقدمهم حزب الله .

ومع إقتراب عام ٢٠٢٢ تدنو الإستحقاقات الإنتخابية الرئاسية والنيابية والبلدية ، وتنتعش حسابات الأطراف المعنية بالتشكيل الحكومي وفي مقدمهم التيار الوطني الحر والرئيس ميشال عون بكل ما له علاقة بتلك الإستحقاقات المزدحمة . فعلى الصعيد الرئاسي ينشغل التيار الوطني الحر في إحتمالات الفراغ الرئاسي الممكن حصوله في حال عدم التمكن من إجراء الإنتخابات الرئاسية . مايقود البلاد الى الخيار الملزم بتسلم الحكومة القائمة دستوريا بكافة مهمات السلطة التنفيذية . ما يفرض الإعتناء بإختيار الرئيس المناسب لتحمل مسؤولية تلك الحقبة المفترضة .

وقد سجل في السابق همس دستوري عوني يبحث في إمكانية إيجاد قاعدة دستورية تسوغ إستمرار رئيس الجمهورية في ممارسة صلاحياته في حال تعذر إنتخاب البديل . وذلك على الرغم من صعوبة هذا الأمر أو استحالته من الناحية الدستورية . ويصل البحث الى حدود المفاضلة بين الرئيس نجيب ميقاتي لتولي تلك المرحلة وبين الرئيس حسان دياب الذي يفترض به التصدي لتلك المهمة في حال تعذر إنتخاب رئيس للجمهورية وكان الرئيس ميقاتي في عداد المعتذرين عن عدم تشكيل حكومة لبنان الكبير الذي أعلن عن تأسيسه في الفاتح من سبتمبر من عام ١٩٢٠ أي قبل نصف قرن من ثورة الفاتح من سبتمبر الليبية في عام ١٩٧٠ .

لم تعد معضلة التشكيل الحكومي مرتبطة بتدهور الأوضاع الإقتصادية أو محاربة الفساد أو ضرورة إجراء بعض الإصلاحات المطلوبة لوقف الإنهيار المالي والإقتصادي والإجتماعي والحياتي . بل إنها حاليا معضلة ترتبط بشكل أكبر من كل ذلك بمدى تأثير المعطيات السياسية على ميزان القوى السياسي من خلال الإستحقاقات الإنتخابية المشار إليها .

فما هو تأثير الإنتخابات النيابية ( إن هي حصلت ) على الأكثرية النيابية الحالية ؟

وما هو تأثير تلك الإنتخابات على الإنتخابات الرئاسية المفترضة ، والتي تبدو بعيدة المنال ؟

وما هو تأثير الإصرار السياسي الغربي ( الأمريكي والأوروبي ) على إجراء الإنتخابات النيابية في ظل عدم التوافق الداخلي على قانون الإنتخابات النيابية ؟

وهل يؤدي عدم إجراء هذه الإنتخابات الى إجراءات أميريكية وأوروبية تقضي بوضع اليد على النظام اللبناني من خلال إتخاذ إجراءات شبيهة بالإنتداب بدعم كبير من فرقاء لبنانيين راغبين في ذلك ؟

وما هو تأثير نجاح تلك المساعي الإنتدابية ( إن كتب لها النجاح ) على وحدة الكيان السياسي اللبناني ؟

أيمن حجازي