العدد 1357 / 10-4-2019
أيمن حجازي

على الرغم من حجمها الصغير في المعيار الإنتخابي العام ، فان معركة طرابلس الفرعية الناتجة عن قبول الطعن من قبل المجلس الدستوري بنيابة دينا جمالي عن أحد المقاعد النيابية لعاصمة الشمال تكتسب أهمية سياسية لا بأس بها , حيث يرغب العديد من القوى السياسية تثبيت وقائع ما في ميزان القوى القائم شماليا ولبنانيا وإسلاميا وسنيا على وجه التحديد . فتيار المستقبل يرغب في ترميم قوة صورته وتجديد الإثبات أن مقولة " بي السُنة " حقيقة قائمة وهي ممنوحة بشكل راسخ للرئيس سعد الدين الحريري دون أن يمس ذلك بانفتاح وريث رفيق الحريري على كل الطوائف والمذاهب في إطار إنصهار وطني مميز يحرص الرئيس الحالي للحكومة على تأكيد التشبث به .

وهذا يتطلب بطبيعة الحال السعي الحثيث لاكتساح إنتخابي ينفذه تيار المستقبل في طرابلس ، خصوصا بعد إنسحاب المنافس المفترض لديما الجمالي المطعون بنيابتها ممثلا بالمرشح طه ناجي المدعوم من قبل النائب فيصل كرامي وحلفاء حزب الله في عاصمة الشمال . وقد بات الفوز العادي في هذه المعركة الإنتخابية أمراً غير لائق بالتيار الأزرق الذي يحشد رموزه وييمم وجودهم شطر عاصمة الشمال المطلوب ان تجدد ولاءها للقيادة الحريرية . وقد أعلن في هذا السياق أن رئيس الحكومة سعد الحريري سيتوجه شمالا لشد العصب المستقبلي ، وقد يلحق به رئيسة كتلة المستقبل النيابية السيدة بهية الحريري فضلا عن الرئيس فؤاد السنيورة الذي قد يتشارك مع اللواء أشرف ريفي في بعض النشاطات الإنتخابية المشهودة ، علما أن أمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري باتت إقامته في عاصمة الشمال شبه دائمة وهو يتابع العمل التنظيمي والسياسي " على الأرض " .

في المقابل يبدو الخصم السياسي المنكفىء متحضرا كي يقول أن أي نتيجة لهذه المعركة الإنتخابية مهما كبرت ستكون متواضعة بفعل هذا الحشد المستقبلي ، وبفعل اللجوء الى منطق أن هذه المعركة تعتبر بمثابة رد إعتبار للرئيس سعد الحريري , ما يعني أن تيار المستقبل قد لجأ الى كل أسلحته " الثقيلة والإستراتيجية " في مواجهة الفراغ أو في مواجهة طواحين الهواء بعد أن أخلى الخصوم الساحة ولم يبقى إلا النائب السابق مصباح الأحدب , المحسوب تاريخيا على معسكر الرابع عشر من أذار ... وبعض المرشحين الآخرين الجدد على الساحة السياسية والإنتخابية . وهذا لا ينفي أن بعض هؤلاء المرشحين يبدو واعدا ولو على مستوى المنطق والتطلع كما هي الحال مع الرشح يحيى مولود الذي قد يستقطب نسبة غير منخفضة من أصوات الطرابلسيين المتطلعين الى كسر الرتابة والروتين السياسي الذي تعاني منه دوائر انتخابية عديدة على الساحة اللبنانية .

.. سيلجأ خصوم تيار المستقبل الى توظيف " الهيصة " الإنتخابية المستقبلية والتدليل على إتساع حجم التحالفات التي يصوغها تيار المستقبل والتي تشمل النواب : أبو العبد كبارة والوزير السابق محمد الصفدي واللواء أشرف ريفي , و آخرين... ما يجعل الخصوم مهيئيين الى القول بأن الحشد المستقبلي الضخم لم يحصد النتيجة الانتخابية الملائمة .. مايشير الى ضآلة الحصيلة السياسية لمعركة طرابلس . ما يدفع الى الاستنتاج بأن الساحة السنية اللبنانية لم تعد تنقاد الى البيت الحريري . وهذا هو الاستهداف السياسي الذي قام عليه اللقاء التشاوري النيابي الذي بذلت جهود مضنية لتمثيله في الحكومة الحالية وأخترعت من أجله وزارة لشؤون التجارة الخارجية الجليلة , وذلك بغية انهاء إحتكار الرئيس سعد الحريري للتمثيل السني في لبنان .

وهذا ما يثبت ويؤكد أن تلك " الهيصة " الإنتخابية ستكون مضرة بتيار المستقبل الذي قد يفيده العمل بصمت أكثر من المجاهرة بحث الناس على تجديد البيعة للرئيس سعد الحريري الذي يريد البعض في إطار سعيه لكسب هذه المعركة الجزئية ، إظهار الأمر وكأن الرئيس الحريري يترشح في عاصمة الشمال ...

ايمن حجازي