العدد 1416 / 10-6-2020

ما كادت إجراءات التعبئة العامة المتخذة من قبل الحكومة اللبنانية حيال جائحة كورونا تتراجع ، حتى بادرت بعض القوى السياسية الوليدة للدعوة الى تحرك السادس من حزيران الجاري في محاولة لضخ الدم في شرايين " الثورة" التي انكفأت منذ بضعة أشهر . وقد سعى بعض الداعين الى هذا التحرك الى رفع شعار القرار الدولي ١٥٥٩ ونزع سلاح المقاومة ما دفع بعض القوى السياسية التي كانت منخرطة في صفوف " الثورة" الى مراجعة حساباتها ومواقفها ، فأعلن الحزب الشيوعي اللبناني تبرءه من هذا التحرك بالإضافة الى النائب شامل روكز والضباط المتقاعدين ومجموعات أخرى . في حين أعلن حزبا القوات اللبنانية والكتائب عن عدم مشاركتهما في الدعوة الى هذا التحرك مفسحين في المجال أمام قواعدهم الحزبية حرية الإختيار . أما عن تيار المستقبل والحزب التقدمي الإشتراكي ، فإنهما لم يكونا في وارد المشاركة في ذلك التحرك بعد أن بات تحرك المجموعات المرتبطة ببهاء الحريري موجها في جزء منه ضد تيار المستقبل وبعد ان وضع الحزب التقدمي الإشتراكي نفسه في موقع غير الساعي الى إسقاط حكومة الرئيس حسان دياب وفق ما ورد في موقف لوليد جنبلاط في قصر بعبدا منذ بضعة أسابيع.

وجاء تحرك السادس من حزيران ضعيفا وعاجزا عن تقديم نسخة جديدة لإنتفاضة السابع عشر من تشرين الأول الماضي ، بعد ان حصر المشاركون في هذا التحرك بأنصار بهاء الحريري وحزب سبعة ومجموعات شبابية مختلفة وبهتت الدعوة الى نصرة القرار الدولي ١٥٥٩ ونزع سلاح القاومة .

ولكن الذي حصل بعد ذلك جاء كارثيا بإمتياز ، عندما أطلقت شعارات مسيئة للسيدة عائشة أم المؤمنين من قبل مجموعات قيل أنها من منطقة الخندق الغميق , ما أشعل أجواء فتنة مذهبية ملتهبة في أكثر من منطقة لبنانية ، و أشاح النظر عن ال" ثورة " والإنتفاضة الشعبية وعن مجمل الوضع السياسي المحلي ، ونقل المشهد الى أجواء حرب أهلية ذي طابع مذهبي يلعب فيها الجهل والجهالة الدور الأكبر . وتستفيد منها الدوائر الأمريكية والصهيونية الفائدة الكبرى . بعيدا عن وجع الناس وآلامهم وفقرهم المتعاظم الذي كان يجب أن يشكل الدافع الأساس للقيام بذلك التحرك الشعبي المتذمر من الأزمة المعيشية والحياتية الخانقة التي ترتبت على إرتفاع سعر صرف الدولار الأميريكي بالنسبة لليرة اللبنانية . والذي أدى الى ارتفاع جنوني بأسعار السلع ، وارتفاع كبير في مستوى البطالة الناتجة عن إقفال المؤسسات التجارية والصناعية المختلفة .

وقد أكدت الهتافات المسيئة قدرة بعض الأطراف المخابراتية المعادية على التحكم ببعض مجريات الأمور في الشارع اللبناني الذي تأكدت هشاشته وضعف المناعة في بنيته . وهذا ما اوجد حالة رعب كبيرة من إمكانية الوقوع في أفخاخ الحروب الأهلية من جديد ، ومن قدرة بعض الجهات الكبيرة على حرف أي تحركات شعبية شارعية عن وجهتها الصحيحة . وقد تلى ذلك إرتفاع إضافي في سعر صرف الدولار الأميريكي الذي وصل على مشارف الخمسة آلاف ليرة لبنانية . وأسهم في رفع إضافي في أسعار السلع الغذائية . ترافق كل ذلك مع حركة إتصالات سياسية بين رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط والرئيس نبيه بري ، تلاها زيارة من الرئيس سعد الحريري الى جنبلاط في كليمنصو في ظل همس بإمكانية الإتفاق مع الحريري على تشكيل حكومة أسمتها النائبة بهية الحريري بحكومة إنقاذ تكون قادرة على إستعادة الثقة الدولية بالحكومة اللبنانية ما قد يؤدي الى حلحلة الحصار الإقتصادي غير المعلن على الوطن اللبناني المتمرد . فهل هذه الهمس صحيح ام أنه أحلام اليقظة ؟ فلننتظر.

ايمن حجازي