أيمن حجازي

اختار الزعيم وليد جنبلاط الذكرى السنوية اﻷربعين ﻻغتيال والده مؤسس الحزب التقدمي اﻻشتراكي كمال جنبلاط، كي يؤكد حضوره السياسي والشعبي الحاسم على المستويين الدرزي واللبناني العام. حيث أكد اﻻحتفال بهذه الذكرى اتساع مروحة علاقات جنبلاط المحلية والعربية، فحضر رئيس الحكومة سعد الدين الحريري والنائب المقرب من رئيس المجلس النيابي علي بزي، ممثلاً الرئيس بري، باﻻضافة الى وفد من «حزب الله» برئاسة وزير الصناعة الدكتور حسين الحاج حسن، وحضرت القوات اللبنانية بوفد كبير من بلديات الشوف برئاسة النائب جورج عدوان، فيما تمثل التيار الوطني الحر بوفد محلي غير بارز. وكانت واضحة مشاركة السلطة الفلسطينية من خلال سفيرها في بيروت أشرف دبور الذي وضع الكوفية الفلسطينية على ضريح الراحل كمال جنبلاط. وكان الحضور السياسي الواسع كما أراده وليد جنبلاط معبّراً عن التضامن معه في المعركة التي يخوضها على مستوى القانون اﻻنتخابي والتي تتصل بالتمثيل النيابي للطائفة الدرزية والحزب التقدمي اﻻشتراكي على حد سواء.
ﻻ ريب في أن سيد قصر المختارة تعمد استعادة اللغة التقدمية العروبية اﻻشتراكية التي أتقنها كمال جنبلاط في خمسينات وستينات وسبعينات القرن الماضي، وترأس من خلالها الحركة الوطنية اللبنانية التي كانت تمسك بالتمثيل الإسلامي اللبناني حتى لو انها لم ترغب بذلك تجنباً للغرق في المستنقعات الطائفية التي تتنافى مع مجمل الشعارات السياسية المرفوعة من قبل مكونات الحركة الوطنية آنذاك. وفي ذلك استكمال لما أراده جنبلاط من تنصل غير كامل من مرحلة 14 آذار التي قادته أو قادها نحو خيارات سياسية مناقضة للخيارات التاريخية للحركة الوطنية اللبنانية، ما خلا التناقض مع سياسات الحكم السوري الذي وقعت به تلك الحركة.
لقد أكدت احتفالية الذكرى السنوية اﻷربعين ﻻغتيال كمال جنبلاط أن نجله وليد وحفيده تيمور قد جددا التأكيد أنهما في الموقع الحاسم للزعامة الدرزية التي تفسح في المجال أمام هوامش فسيحة للآخرين، خصوصاً إن كانوا من سليلي العائلة الارسلانية، كاﻷمير طلال أرسلان بن اﻷمير مجيد أرسلان واﻷميرة خولة بأصولها الجنبلاطية الواضحة.
يبدو أن وليد جنبلاط قد حسم المعركة لمصلحته في موضوع القانون اﻻنتخابي، من خلال تضمين كافة مشاريع القوانين التي طرحت في اﻵونة اﻷخيرة حقيقة أن قضاءَي الشوف وعاليه يجب أن يكونا دائرة انتخابية واحدة ومستقلة عن باقي أقضية جبل لبنان التي تضم أغلبية انتخابية مسيحية حاسمة. وبقيت عقدة اﻷكثري والنسبي عالقة في هذا الموضوع، وهي تشكل حتى هذه الساعة عنواناً خلافياً كبيراً في اطار البحث عن القانون اﻻنتخابي المفقود في الوطن اللبناني العزيز. ويعتقد البعض أن احتفالية الذكرى السنوية اﻷربعين كانت في مضمونها اﻷساسي تكريساً لإعلان جنبلاطي كبير أن الدروز والحزب التقدمي اﻻشتراكي لن يتعرضوا ﻷي مظلمة في القانون اﻻنتخابي المنشود من قبل اﻷكثريات الطائفية والسياسية المقابلة. 
 ثمة ملاحظة جميلة توحى بأن المجتمع اللبناني قد طور تلقائياً أنظمة انتقال الزعامة داخل الطوائف والعشائر والجماعات بحيث يتم تحديد وتعيين المسؤول التالي الذي ينبغي أن يدير اﻷمور في حال تعرض الزعيم والقائد ﻷي أمر يحول بينه وبين متابعة ادارته للأمور وعلى طريقة الرئيس اﻷميركي ونائبه الحاضر دوماً لتسلم أمور الإدارة اﻷميركية العتيدة. ولذلك يجب أن نثق بأننا لسنا متخلفون وﻻ رجعيين، فنحن مجتمع تقدمي بامتياز... تحية للحزب التقدمي اﻻشتراكي.