مهند عبد الله

احتفل لبنان والعالم باليوم العالمي لمكافحة المخدرات، المحدد بـ26 من شهر حزيران الجاري.
احتفال لبنان باليوم العالمي لمكافحة المخدرات هذه السنة كان استثنائياً، فالرئيس سعد الحريري اصدر أمراً برفع علم أبيض على الإدارات والمؤسسات الرسمية الى جانب العلم اللبناني مكتوب عليه «لبنان بلا مخدرات وبلا إدمان».
بدورها قوى الأمن الداخلي قامت بخطوة ايجابية تمثلت بنشر حواجز توعوية في مختلف المناطق اللبنانية للتحذير من تعاطي المخدرات والاتجار بها.
ولم يغب القضاء اللبناني عن حملة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، فأصدر النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي سمير حمود تعميماً رقمه 40/ض/2018 جاء فيه: «للنيابة العامة في حال توقيف شخص بجرم تعاطي المخدرات ان تحيله بموافقته على لجنة الإدمان كي يخضع للعلاج وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في المواد 184 حتى 190 ضمناً من هذا القانون». ويؤكد تعميم القاضي حمود نقطة مهمة كانت تطالب بها الهيئات والمؤسسات التي تعالج مدمني المخدرات، هي انه يجب التعاطي مع مدمن المخدرات كمريض يجب معالجته، لا كمجرم يجب معاقبته، على اعتبار ان مدمن المخدرات انما هو ضحية للتجار والموزعين الذين يدمرون المجتمع اللبناني وشبابه عبر بيع المخدرات وتجارتها. وقد ترافقت حملة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات أيضاً مع الكشف عن عشرات الأطنان من الحشيشة وحبوب الكبتاغون المخدرة التي كانت موجودة في مستودعات في خلدة والأوزاعي وغيرها من المناطق، وكانت معدة للتصدير الى خارج لبنان.
كل هذه الأمور ايجابية جداً، وتدل على أن الدولة بأجهزتها المختلفة عازمة فعلاً على مكافحة تجارة المخدرات وتعاطيها، وقد تحولت المخدرات الى ما يشبه الوباء في مختلف المناطق اللبنانية، حيث كشف تحقيق أجرته صحيفة الجمهورية عن انه بلغ عدد متعاطي المخدرات في لبنان عام 2017 2163 شخصاً، وبلغ المروجون 406 والناقلون للبضاعة 10 والتجار 17 والمهربون 67 والمصنعون 6 والمزارعون 3، وبلغت حصة اللبنانيين 2058 من أصل 2733 شخصاً أُلقي عليهم بجرم المخدرات. وتظهر هذه الأرقام حجم المشكلة المتفاقمة لتعاطي المخدرات وتجارتها في مختلف الأراضي اللبنانية التي تؤدي الى جرائم مثل السرقة والقتل والاغتصاب... الخ.
واللافت في موضوع المخدرات المتفاقم أنه معلوم ومجهول في نفس الوقت، وهو ما يفاقم المشكلة في لبنان والمجتمع اللبناني حيث تعرف الدولة وأجهزتها الأمنية معظم تجار المخدرات الكبار وأماكن وجودهم، ورغم ذلك تقف عاجزة عن إلقاء القبض عليهم نظراً للحماية السياسية والعشائرية التي يتمتعون بها في مناطقهم التي أصبحت مستباحة بكل ما في الكلمة من معنى من الزعران والشبيحة وتجار المخدرات، وخصوصاً في البقاع الشمالي ومنطقة بعلبك - الهرمل، حيث تحدث الرئيس بري عن «120 أزعر» ينشرون الفساد في المنطقة، بينما تحدث النائب جميل السيد عن غطاء أمني وتعاون بين تجار المخدرات والأجهزة الأمنية.
وبغضّ النظر عن صحة ما يقال، يأمل اللبنانيون ان يكون اليوم العالمي لمكافحة المخدرات الذي تزامن مع انطلاق الخطة الأمنية للبقاع الشمالي مناسبة للدولة اللبنانية ولأجهزتها المختلفة لوقف التجاوزات الأمنية بحق أهل البقاع أولاً، والتصدي الفعلي لتجار المخدرات ثانياً.
فهل تنجح الدولة في هذه المهمة الوطنية وتحمي شباب لبنان من آفة المخدرات، أم يكون مصير الخطة الأمنية في البقاع كسابقاتها، والسبب هو الحسابات السياسية والغطاء الأمني؟