العدد 1529 /21-9-2022
أيمن حجازي

تبدو زيارة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى نيويورك وإلقائه كلمة لبنان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ، كأنها استراحة محارب يبتعد فيها الرئيس المستقيل والمكلف عن ضوضاء العاصمة اللبنانية المزدحم بالآهات والإستحقاقات والنكبات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والحياتية المتنوعة . وقد غادر الرجل بيروت على وعد شائع بحلحلة العقد الحكومية التي اعترضت تشكيل الحكومة في أعقاب الإنتخابات النيابية الأخيرة . وذلك في سياق التحضر من أجل مواجهة الشغور الرئاسي المرجح بعد الحادي والثلاثين من تشرين أول المقبل .

صحيح ان وعود تفصيلية ناشئة قد برزت وداعبت مخيلة المواطن اللبناني الصامد ، ولكنها لم تتجاوز الفيول الإيراني المنطلق الى السواحل اللبنانية عبر قناة السويس ، والكهرباء الأردنية المضيئة ، والغاز المصري العابر الينا تحت بصر الصهاينة وسمعهم وإذنهم أيضا . علما أن البعض يهمس بوعد أكبر يطال الإستحقاق الرئاسي ويشي بتوافق محلي - اقليمي - دولي حالم على ترئيس العماد جوزيف عون ودخوله الى قصر بعبدا التحاقا منه بقافلة القادة - الرؤساء التي ابتدأت بفؤاد شهاب في عام ١٩٥٨ وعبرت بأميل لحود وميشال سليمان في عامي ١٩٩٨ و٢٠٠٨ ولما تنتهي بالعماد ميشال عون في ٢٠١٦ . وهنا لا بأس من إيراد واقعة معبرة حصلت في صيف ١٩٧٠ في إطار التحضير للإنتخابات الرئاسية التي جرت في ذلك العام . ومفاد هذه الواقعة ان وفدا شهابيا زار القاهرة لتسويق ترشيح الياس سركيس من قبل النهج الشهابي لرئاسة الجمهورية لدى الرئيس المصري جمال عبد الناصر والذي كان يملك نفوذا هاما على الساحة اللبنانية ، ولكن الرئيس عبد الناصر عندما طرح إسم ألياس سركيس أمامه بادرهم بالقول " ليش الجنرال بستاني فينو " في إشارة لقائد الجيش آنذاك العماد إميل البستاني . وقد أعتبر كلام الرئيس عبد الناصر بمثابة تأكيد على بداهة أن يأتي قائد الجيش الذي كان قد وقع اتفاق القاهرة مع المقاومة الفلسطينية في القاهرة قبل عام من ذلك التاريخ في العاصمة المصرية وكان على علاقة جيدة بالرئيس المصري .

ويسترسل البعض في احتمالية الوعد الأخير المشار اليه آنفاً ، ليرى بأن مجيء الجنرال جوزف عون الى سدة الأولى قد تزيل عقبتين رئيسيتين من أمام أبرز القادة المسيحيين الحاليين . والممثلين بسمير جعجع وجبران باسيل حيث من المفترض أن يبعد خيار جوزف عون خيار سليمان فرنجية الذي يتوجس منه جعجع وباسيل على حد سواء ... وكل وفق اعتبارات مختلفة عن اعتبارات الآخر .

يستبعد الكثير من المراقبين أن يكون هناك عقبات إقليمية ودولية في وجه ترئيس قائد الجيش ، لا بل إن حماسة قد تكمن لدى بعض عواصم القرار الدولي والإقليمي حيال هذا الخيار . ولكن التحفظات المحلية قد تكون قائمة بديهيا خصوصا من قبل أحد الطرفين الفاعلين في الثنائي الشيعي ، خصوصا تحت وطأة الثناء الأميركي الدائم الذي ينطلق في أكثر من مناسبة على قائد الجيش والآمال المعقودة عليه أمنيا وعسكريا ومن ثم سياسيا إذا سارت الأمور بإتجاه فتح الطريق مجددا بين اليرزة وبعبدا المتجاورتين جغرافيا ودستوريا ...

هل يبحث هذا الهوكشتاين بمسائل سياسية لبنانية كالإستحقاق الرئاسي اللبناني أن لكل إختصاصه في عالم الموفدين الأميريكيين الذين تضج بهم عواصمنا الكثيرة ؟ وهل تركت الإدارة الأميركية هذا الموضوع للفرنسيين والسعوديين هذه المهمة الجليلة أو بعضها ؟ وهل كان إجتماع الوليدين (جنبلاط والبخاري) في كليمنصو قبل بضعة أيام إشارة لبدء التحركات الإقليمية المعلنة حول الإنتخابات الرئاسية الموعودة ؟

على هامش كل هذا الكلام الجدي منه والهزلي تبدو الإضطرابات الأمنية التي وعدنا بها قبل أسبوعين أحد الإعلاميين المتواصلين مع الجهات الأمنية الفاعلة في البلد غير خطرة لأنها تبدو اضطرابات مضبوطة وفق إيقاعات "وطنية خيرة " ... زادكم الله خيرا .

أيمن حجازي