العدد 1473 /11-8-2021

تبخرت أحاديث التطابق في وجهات النظر مع الرئيس ميشال عون التي أطلقها الرئيس نجيب ميقاتي إثر تكليفه تشكيل الحكومة ، وانحسرت موجة التفاؤل التي أصابت البعض بعد التكليف . وصرنا في مواجهة العقد القديمة - الجديدة التي تعترض تشكيل الحكومة منذ أيام الرئيس سعد الحريري الذي اصطدم بالعديد من الصعوبات السياسية والطائفية في هذا الإطار . ويكاد الرئيس نجيب ميقاتي ان يغدو الضلع الثالث في مثلث الرؤساء المعتذرين عن عدم تشكيل الحكومة منذ قرابة العام حين استقالت حكومة الرئيس حسان دياب في الأيام التي تلت إنفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب ٢٠٢٠ .

إلا أن الأمل لم يفقد بعد ، خصوصا إذا علم حجم الحرج الذي قد يشعر به رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر من جراء إحباط ثلاثة تكليفات لشخصيات سياسية لبنانية هم السفير مصطفى أديب عبد الواحد ، سعد الحريري ونجيب الميقاتي . ولكن البعض أو الكثير من المراقبين لا يرون أن الحرج المشار إليه وارد في قاموس الرئيس عون أو الوزير جبران باسيل ، وان المتانة السياسية التي يتمتع بها الرجلان تمنحهما حصانة مميزة من أي حرج مفترض قد تلفح رياحه الوجوه والأبدان . والحرج المشار إليه ليس وهميا ، بل هو واقع من الأزمات المعيشية الخانقة التي تبدأ بارتفاع سعر الدولار واضمحلال قيمة العملة الوطنية ، ولا تنتهي بفقدان الدواء وغياب المحروقات والوقود من بنزين ومازوت وفيول وما يلي ذلك من كهرباء وأوكسيجين للمستشفيات . هذا فضلا عن الخبز الذي ارتفعت أسعاره وبات مهددا بالغياب من جراء فقدان المازوت .

والحرج المشار إليه ليس عابرا ،ولكنه جهنمي بإمتياز في هذا الصيف الساخن والحار الذي جلب لنا حجما مشبوها من الحرائق التي تركزت هذه المرة في عكار والبقاع الشمالي بغية ان يطمئن النائب ماريو عون الى ان هذه الحرائق لا تستهدف المناطق المسيحية كما ساور الرجل الشك قبل عامين من الزمن حين اندلعت حرائق واسعة في مناطق من جبل لبنان .

الحرج الأخلاقي او الضميري لا يصيب القادة السياسيين في لبنان ولا يخدش سلوكهم السياسي ، وأحاسيسهم بمنأى عن التأثر بمشاهد الناس الفقراء في الأحياء والأزقة ، بعد أن باتت كل شوارعنا الفخمة  أحياء وأزقة تبحث عن ساعة كهرباء كي تشحن الهاتف أو تحرر البراد والثلاجة من عقدة النملية التي لا تحفظ أيا من أنواع الأطعمة التي تحتاج الى تبريد ما .

الحرج ، الضمير ، الخجل ، الإستيحاء ... لا يصيب الساسة اللبنانيين فيكملون حياتهم الطبيعية ويستمرون في كره ذواتهم والآخرين دون أي تردد ، مع قدرة فائقة على الخوض في الإشتباكات السياسية الملحمية التي يظنون أنها ستجلب المجد لهم داخل طوائفهم ومذاهبهم وعلى ساحات الوطن . إنهم عمليا أحفاد ماري انطوانيت التي لم تعرف معنى فقدان الخبز فاقترحت ان يتم استبدال الخبز بالبسكويت ، وحين تدعو الحاجة فإن سياسيينا ثوار أشداء يضاهؤن غيفارا عنفا ونضالا وجذرية في المواقف . ومن لا يصدق هذا الكلام فما عليه إلا مراجعة يوميات ثورة ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩ للميلاد .

تحية للسياسي اللبناني الذي قد يعاني من الحرج الشعبي فيحتجب عن الظهور ولو لفترة وجيزة .

أيمن حجازي