العدد 1366 / 19-6-2019

ايمن حجازي

هل هناك مصلحة للقوى اللبنانية الرئيسية المشاركة في الحكومة الحالية بانفجار العلاقة بين الرئيس سعد الحريري والتيار الوطني الحر ؟ سؤال مركزي يطرح في هذه الآونة السياسية في ضوء السجالات الساخنة التي نشبت بين الجانبين خلال الأسابيع القليلة الماضية على خلفية العديد من الملفات الخلافية الأمنية والسياسية والقضائيةالمثارة و المطروحة في البلد . ولا يخفى على أحد أن احتمالية إنفجار هذه العلاقة قامت بفعل إنعدام التوازن داخل التسوية الرئاسية التي قامت خريف عام ٢٠١٦ وأوصلت العماد ميشال عون الى سدة الرئاسة الأولى وأعادت سعد الحريري الى سدة الرئاسة الثالثة . وقد قام إنعدام التوازن المشار اليه بفعل الإجتياحات المتعددة التي نفذها التيار الوطني الحر والوزير جبران باسيل وطالت مساحات كان ينبغي أن يملأها رئيس الحكومة وفق ما نص عليه دستور الطائف .

في المحصلة كان هناك تضخم في الصلاحيات التي منحها الوزير باسيل لنفسه ، وضمور مقابل في الصلاحيات التي كان من المفترض أن يمارسها رئيس الحكومة سعد الحريري الذي التزم سياسة ضبط المواقف والمشاعر طوال الفترة السابقة حتى " بق بعض البحص السياسي " خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب عطلة عيد الفطر وعودته من خارج لبنان وأعرب فيه عن الشكوى من معظم القوى السياسية المشاركة في الحكومة مع إفراد حصة مميزة من هذه الشكوى ضد وزير خارجيتنا ورئيس التيار الوطني الحر ... وهو الوزير الذي أطلق العنان لمواقفه السياسية التي استفزت جهات طائفية وسياسية عديدة في مقدمتها الجهات السنية على إختلاف مواقعها ومستوياتها . ولكن باسيل عمل على نزع بعض الفتائل من خلال إعلانه لإيجابية ما ورد في المؤتمر الصحفي للرئيس الحريري ومن ثم توجيه وفد سياسي الى دار الفتوى وأخيرا عبر زيارة قام بها الى السراي الكبير اجتمع خلالها الى الرئيس الحريري حيث تم التأكيد على التمسك بالتسوية الرئاسية وبالعلاقة الثنائية بين الجانبين .

في إستعراض سريع لمواقف القوى الكبرى المشاركة في الحكومة الميمونة نجد أن الجميع لا يريد إنفجار العلاقة بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر ، وأن البعض يتمسك بشكل كامل بالتسوية الرئاسية التي تكاد أن تتم عامها الثالث وفي مقدمة هؤلاء الرئيس الحريري والوزير جبران باسيل وينضم اليهما بالتبعية حزب الله الذي لا يريد أن يستهلك نفسه بالتفاصيل السياسية القاتلة . بل إنه يولي الأهمية البالغة لاستمرار الوضع الحالي في البلد الذي يحافظ على وجوده السياسي والميداني في لبنان والمنطقة ، وهو يبذل قصارى جهده لصيانة العلاقة المهددة دوما بين حليفيه اللدودين الممثلين بحركة أمل والتيار الوطني الحر . أما باقي أطراف الحكومة الممثلين بحركة أمل و والحزب التقدمي الإشتراكي وحزب القوات اللبنانية فإنهم راغبين بشكل جدي بإجراء تعديلات جوهرية وتفصيلية على التسوية الرئاسية كل وفق مصالحه السياسية . ويجتمع التقدمي الإشتراكي وحزب القوات على أهمية تعزيز موقع الرئيس سعد الحريري في مواجهة الإجتياحات الباسيلية المشار اليها آنفا والمتكررة حيال العديد من الشؤون الإدارية والسياسية الحاصلة ... أما الرئيس نبيه بري وحركة أمل فإنهما يجهدان في سبيل الحفاظ على موقعهم داخل السلطة وفي الإدارة اللبنانية وهذا ما يتطلب الوقوف في كثير من الأحيان في وجه التيار الوطني الحر والوزير جبران باسيل .

انه ليس الوقت المناسب لإنفجار العلاقة ما بين الحريري وعون أو ما بين الحريري وباسيل ، فلا الظرف الإقليمي يسمح بذلك ولا حسابات الأطراف المحلية تفضي الى ترجيح كفة هذا الخيار ... والعلاقة ستبقى بين مد وجزر بإنتظار مستجدات سلبية أو ايجابية ، داخلية أو خارجية تثبت هذه العلاقة أو تنسفها من " أساسها الى راسها " لا سمح الله .