العدد 1355 / 27-3-2019
أيمن حجازي

كانت جولة وزير الخارجية الأميريكية في بيروت عاصفة بالمواقف المعادية ل "حزب الله" ، وذلك في إطار التحريض والحث على القطيعة مع هذا الحزب الذي تعتبره الإدارة الأميركية كيانا إرهابيا ينبغي محاربته والتصدي له . وقد استنفرت الديبلوماسية الأميريكية كافة قواها لتحقيق هذه الغاية ووظفت كل علاقاتها في هذا السبيل . فكيف كانت النتائج التي ترتبت على هذه الزيارة وماذا جنت الإدارة الأميريكية من اللقاءات التي عقدها مايك بومبيو مع المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم ؟

لقد واجه الوفد الأميركي الزائر موقفا موحدا نفي عن حزب الله تهم الإرهاب مع التأكيد الجازم على مشروعية الحزب السياسية التي اكتسبها بطريقة ديموقراطية من خلال العديد من جولات الإنتخابات التي حصلت في لبنان منذ عام ١٩٩٢ . وقد تكرست هذه المشروعية أكثر وأكثر إبتداء من عام ٢٠٠٥ عندما تمثل "حزب الله" في الحكومات المتعاقبة وتعاون مع العديد من القوى السياسية حتى المخاصمة له خلال أدائه للعمل الوزاري والحكومي والبرلماني . وقد سمع الضيف الأميركي هذه المنظومة من التعريف عن "حزب الله" في قصر بعبدا ، وفي عين التينة مقر رئيس المجلس النيابي نبيه بري وفي قصر بسترس مقر وزارة الخارجية اللبنانية . وإن تميز الكلام الذي سمعه بومبيو في السراي الحكومي من رئيس الحكومة سعد الحريري عما سمعه من المسؤولين الآخرين إلا أن المحصلة النهائية لكلام الحريري تؤكد على الحفاظ على إستقرار الساحة الللبنانية وهذا ما يتطلب التعايش مع "حزب الله" رغم الخلافات السياسية القائمة بين الحريري و"حزب الله" . وقد بدا الخطاب الحاد الذي لجأ اليه وزير الخارجية الأميريكي مايك بومبيو حيال "حزب الله" متباينا مع مواقف القادة اللبنانيين بشكل واضح وهذا ما أكده وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده الوزيرين في قصر بسترس عندما أكد أن لبنان لا يعتبر "حزب الله" حزبا إرهابيا مع التأكيد على حق لبنان بمقاومة العدوان والإحتلال .

إلا الجديد المستجد الذي ظهر للعيان في هذا السياق هو موقف حزب "القوات اللبنانية " من هذا الموضوع عبر كلام نائب رئيس الحزب النائب جورج عدوان الذي لم يوافق على الموقف الأميركي باعتبار "حزب الله" حزبا إرهابيا ، مشيرا الى أن موقف "القوات" مغاير لموقف الإدارة الأميركية على هذا الصعيد ومؤكدا على التقاطع والتعاون في العديد من مجالات العمل الحكومي والنيابي بين حزب القوات وحزب الله . على الرغم من الخلاف الأساسي حول سلاح "حزب الله" ودور الحزب في سوريا على وجه التحديد . وقد تقدم حزب القوات اللبنانية خطوة أخرى باتجاه "حزب الله" وحلفائه عندما أصدرت النائبة ستريدا جعجع بيانا انتقدت فيه قرار الرئيس دونالد ترامب باعتبار مرتفعات الجولان أرضا إسرائيلية . وهذا ما استدعى إشادة واضحة من قبل الأمين العام ل "حزب الله" خلال كلمته الأخيرة التي تولى فيها الرد على كلام وزير الخارجية الأميريكي . وليس بعيدا عن هذا التطور الإيجابي بين الجانبين كانت معالجة "حزب الله" للإشتباك الكلامي الذي حصل قبل بضعة أسابيع بين النائبين نواف الموسوي ونديم الجميل عبر البيان الذي أدلى به رئيس كتلة الوفاء محمد رعد وأدى الى تنفيس الإحتقان الذي ترتب على ذلك الإشتباك وقد حصلت اتصالات عديدة بين ستريدا جعجع ونواف الموسوي الذي حملته تحية للسيد حسن نصر الله . انه كسر للجليد القائم بين أكثر المتناقضين في السياسة اللبنانية منذ أكثر من ثلاثة عقود .

إنه مايك بومبيو الذي ساهم في إذابة ذلك الجليد السيبيري بين متباعدين كانا في أقصى التباعد .

ايمن حجازي