أيمن حجازي

في دستور الطائف الذي اصطنع في خريف 1989 وأقر دستورياً في عام 1990، نص يقول باعتماد المحافظة دائرة انتخابية بعد اعادة التقسيمات الإدارية في الدولة اللبنانية. ولكن القانون اﻻنتخابي الذي أجريت على أساسه انتخابات خريف 1992 لم يشهد أي اعادة للتقسيمات الإدارية التي كان يحكى في اتفاق الطائف أنها ستؤدي الى زيادة عدد المحافظات وبالتالي الى اعتماد أكثر من ستّ  دوائر انتخابية، وهو عدد المحافظات آنذاك. وقد شُوِّه المعيار الواحد الذي جرى على أساسه تحديد الدوائر اﻻنتخابية، وذلك بعد أن اعتمد القضاء دائرة انتخابية في محافظتي جبل لبنان والبقاع، وجُعلت محافظتا النبطية والجنوب دائرة انتخابية،  وتوحدت بيروت العاصمة في دائرة انتخابية واحدة. وقد شكل هذا التفاوت في تحديد الدوائر اﻻنتخابية سبباً من اﻷسباب التي سوغت المقاطعة الانتخابية المسيحية في ذلك العام. حينها اعتبر الساسة المسيحيون، أو معظمهم، أن القانون الذي اعتمد في عام 1960 قد أُطيح بهدف إطاحة القوة المسيحية داخل الكيان السياسي اللبناني. وأن القانون اﻻنتخابي الذي جرى استيلاده في ذلك العام ( 1992) كان يهدف في ما يهدف إليه، إلى توزيع عدد كبير من المقاعد المسيحية على زعامات الطوائف الإسلامية الذين باتوا قادرين على الإتيان بنواب مسيحيين طائعين وتابعين للباب العالي السنّي أو الشيعي أو الدرزي. وباتت بكركي بقيادة البطريرك نصر الله صفير في مقدمة المعترضين على القانون اﻻنتخابي المعتمد، وكان هذا اﻻعتراض يتكرر في اﻻنتخابات اللاحقة التي جرت في عامي 1996 و 2000.
وﻻ ضير في هذا الخضم من اعادة التذكير بأن التيار الوطني الحر مدعوماً من عدد من القوى السياسية الحليفة قد خاض معركة شرسة استخدمت فيها كافة التحالفات في مؤتمر الدوحة في أيار من عام 2008  بغية فرض العودة الى قانون الستين ﻷنه أفضل السبل التي قيل آنذاك إنها تعيد الحق المسيحي إلى أصحابه. وعندما جاءت نتيجة انتخابات ربيع 2009 على غير ما يتمنى الجنرال عون وحلفائه، وعلى الرغم من توسيع الكتلة النيابية للتيار الوطني الحر، فإن قانون الستين صار مذموماً مدحوراً مغضوباً عليه.
لقد دأبت معظم القوى السياسية اللبنانية على امتداح الرئيس الراحل فؤاد شهاب، والثناء على عهده الذي شهد بناء المؤسسات الرسمية التأسيسية في الإدارة اللبنانية من مجلس خدمة مدنية وهيئات رقابية. وسجل في تاريخ الراحل ترفعه عن التمديد الذي يراود العديد من رؤساء الجمهورية في نهاية وﻻياتهم. وكذلك فعل في عام 1970 عندما بات العائق الدستوري زائلاً من أمام ترشحه والعودة الى القصر الرئاسي. وهذا ما يفسح في المجال أمام الجميع كي يدعوا أنفسهم واﻵخرين إلى العودة إلى قانون فؤاد شهاب اﻻنتخابي بعد أن فشلت كافة المحاوﻻت لاستيلاد قانون انتخابي يجمع عليه اللبنانيون، وانفاذاً للمقولة السياسية والقانونية التي تعتبر أن اﻻنتظام في حصول اﻻنتخابات أهم من مضمون القانون اﻻنتخابي وتفاصيله المتشعبة.
ان قانون فؤاد شهاب وفق التسمية التي نقترح هو القانون النافذ الذي تحيط بالهروب منه اشكاﻻت دستورية وقانونية عديدة قد يتحمل تبعاتها الرئيس ميشال عون الذي رفض التوقيع على المراسيم التنفيذية لإجراء انتخابات العام الحالي في مواعيدها المحددة والتي وقعها وزير الداخلية نهاد المشنوق ورئيس الحكومة سعد الحريري. ومن ﻻ يعجبه تسمية قانون الستين فما عليه إﻻ أن يلجأ إلى التسمية البديلة... قانون فؤاد شهاب!<