أيمن حجازي

أثارت تغريدات الوزير السعودي ثامر السبهان في الأسبوع الماضي ضد «حزب الله» اهتمام المراقبين السياسيين والإعلاميين في لبنان، خصوصاً بعد أن دعا ذلك المسؤول السعودي الى اخراج الحزب من الحكومة اللبنانية التي يترأسها حليف المملكة العربية السعودية في لبنان سعد الدين رفيق الحريري. وقد تولد من جراء ذلك بعض القلق على الوضع السياسي اللبناني والمتسم بهدوء نسبي يحول دون انفجار سياسي أو أمني. وقد اعتبرت تغريدات الوزير السبهان من جملة التداعيات السلبية لأزمات المنطقة وحرائقها على الوضع اللبناني، والتي ينبغي أن يعمل القادة اللبنانيون من أجل تلافيها وتجنب آثارها الخطيرة المفترضة. واتجهت الأنظار منذ انطلاق الموجة الجديدة من تغريدات السبهان التي بدأها قبل أسبوعين خلال زيارته لمنطقة الرقة السورية الى موقف الرئيس الحريري من مضامين هذه التغريدات ومفاعيلها وانعكاساتها على الساحة اللبنانية.
لم يظهر على الرئيس الحريري أي تعديل جوهري من موقفه العملاني من «حزب الله» علماً أن مناسبة الذكرى الخامسة لاغتيال اللواء وسام الحسن كان يمكن أن تشكل محطة لتصعيد سياسي ما على لسان الحريري أو وكيله الحكومي الأفعل الوزير نهاد المشنوق اللذين مررا المناسبة بهدوء وروية واتزان. وتلت ذلك زيارة خاطفة نفذها الحريري للمملكة العربية السعودية مجتمعاً الى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ومن ثم الى الوزير الصاخب ثامر السبهان. وأعقب كل ذلك تغريدة دونها الرئيس الحريري العائد من المملكة جاء فيها: «في كل مرة نلتقي بسمو ولي العهد محمد بن سلمان تزيد قناعتي بأننا والقيادة السعودية على وفاق كامل حول استقرار لبنان وعروبته».
بما أن الاستقرار الانقاذي شكل على الدوام المبرر السياسي لانخراط الرئيس الحريري في التسوية التي أدت الى انهاء الفراغ الرئاسي منذ أكثر من سنة، وبما أن هذا الاستقرار شكل المسوغ السياسي والوطني لكل ما اعتبره البعض تنازلاً سياسياً من قبل الحريري على امتداد العام المنصرم، وقد شمل هذا البعض مسؤولين في الادارة السياسية السعودية فإن الحريري حمل الى الرياض ملف الوضع اللبناني الدقيق بكل محاذيره ونقاط ضعف وقوة السياسة السعودية على الساحة اللبنانية. ويبدو من تغريدة الحريري أنه قد أفلح في اقناع القادة السعوديين بسلامة موقفه المستند أيضاً الى عدة اعتبارات سياسية اقليمية ودولية أبرزها اعتباران اثنان:
الاعتبار الإقليمي: لقد واكبت المملكة التطورات المستجدة في سوريا اثر التدخل العسكري الروسي الذي قلب ميزان القوى رأساً على عقب. وبما أن لبنان ساحة لصيقة جغرافياً وسياسياً بسوريا فإن التعديل الحاصل في الموقف السعودي من الأزمة السورية ينبغي أن يتبعه تعديل مواكب للموقف السعودي من الساحة اللصيقة بالساحة السورية.
الاعتبار الدولي: وهو اعتبار متعلق بالموقف الأميركي وما يليه من مواقف أوروبية في طليعتها الموقف الفرنسي. وهنا يبرز ما قاله الرئيس الأميركي للرئيس الحريري أمام الإعلاميين خلال زيارة الأخير لواشنطن قبل شهرين من الزمن وذلك «أن وضعكم في لبنان صعب» ما يوحي بأن ترامب يتفهم انخراط الحريري بالتسوية القائمة في البلد مع التيار الوطني الحر وعبره مع حزب الله (ربط نزاع وفق المصطلح الحريري الشهير).
الاستقرار... الاستقرار... الاستقرار... يحفظ الأوطان، ويحمي التسويات السياسية المرغوبة، ويصون الأمن، ويحصن المواقع والمناصب، ويغطي المحاصصات، ويمنع الاحباط وهو الوصفة السحرية لتسويغ التخلي عن التصعيد السياسي وتهدئة الرؤوس الحامية. شكراً استقرار.>