العدد 1689 /12-11-2025
أيمن حجازي
للتفاوض المباشر بين لبنان والكيان الصهيوني أنصار
سياسيون يعمدون الى المجاهرة في التعبير عن مواقفهم في كثير من الأحيان . وفي
أحيان يغلفون مواقفهم بتغليفات شتى تجنبا للحرج الشعبي والسياسي في الوطن اللبناني
البديع . ويلجأ هؤلاء في كثير من الأحيان الى الخيار العربي الرسمي الذي يميل الى
التفاوض مع الدولة اليهودية بشكل عام ولا مانع لدى أصحاب هذا الخيار من التفاوض
المباشر . إلا أن هؤلاء " الأنصار " ركزوا على موقف الحكم السوري الجديد
برئاسة أحمد الشرع الذي أجرى عدة عمليات تفاوض خلال العام المنصرم في أذربيجان وفي
مواقع أخرى لا نعلمها حتى الآن . وأراد هؤلاء القول أن لبنان يجب ان يحذو حذو
سوريا استنادا الى المبدأ الذي كان مرفوضا من قبل هؤلاء حول وحدة المسار والمصير
بين بيروت ودمشق .
هؤلا الأنصار ، أصيبوا بإنتكاسة كبرى بعد المقابلة
التي أجراها الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع ل" الفوكس نيوز " والتي
بثت إثر لقائه الرئيس الأميريكي دونالد ترامب . فقد أعلن الشرع في تلك المقابلة :
"ان الوضع السوري يختلف تماما عن أوضاع الدول التي انضمت الى اتفاقات أبراهام
،وأن اسرائيل كانت ولا تزال تحتل أراض سورية منذ عام ١٩٦٧ ولهذا لا يمكننا الدخول
في مفاوضات مباشرة الآن " . وبات الرئيس الشرع المعتمد كنموذج محبب الى قلوب
وعقول أنصار " التفاوض المباشر من الساسة اللبنانيين " أقرب الى مواقف
الرئيس نبيه بري الرافض للتفاوض المباشر مع اسرائيل . وبطبيعة الحال هو أقرب الى
مواقف رئيس الجمهورية اللبنانية الداعي الى تفاوض غير مباشر عبر الأميريكين تماثلا
لما حصل في مفاوضات " كاريش " قبل أكثر من عامين من الزمن . وما يزيد من
حدة إنتكاسة هؤلاء الأنصار عوامل أخرى أهمها :
أن القيادة السياسية الصهيونية لم ترسل أية إشارة
تجاوب مع دعوة الرئيس جوزيف عون الى التفاوض مع اسرائيل عبر الوسيط الأميريكي ، لا
بل إن هذه القيادة قد قابلت دعوة الرئيس عون بتصعيد عسكري دائم ضد المناطق
اللبنانية في مقابل إلتزام ميداني كامل وشامل بضبط النفس من قبل حزب الله .
وجود مستجدات عربية رسمية ذات طابع سلبي في علاقات
التطبيع مع الكيان الصهيوني بلغت ذروتها ، إثر القصف الصهيوني للعاصمة القطرية
الدوحة قبل حوالي شهرين من الزمن . وقد تم التعبير عن ذلك من خلال الإعلان عن
مباحثات تحالف عسكري مصري - سعودي لم تحدد تفاصيله . صحيح ان هذا التحالف المرتجى
والمنشود ليس له طابع تحريري على مستوى القضية الفلسطينية ، وليس له طابع التمرد على الإرادة الأميريكية
الممسكة بخناق الأنظمة العربية كافة . ولكن الصحيح أيضا أن هكذا تحالف أيا يكن
مستوى جديته شكل إزعاجا إسرائيليا أمكن رصده في أكثر من تعبير سياسي وإعلامي
صهيوني .
ولا يمكننا في هذا السياق إشاحة النظر عن التنامي
الإيجابي المحدود في العلاقات السعودية - الإيرانية التي لا بد لها أن تنعكس على
موضوع التفاوض المباشر وغير المباشر بين العرب والكيان الصهيوني .
ويسجل أيضا التطور الإيجابي بين حزب الله وبين
المملكة العربية السعودية الذي كسر حدة مواقف بعض الشخصيات السياسية اللبنانية من
المترددين على السفارة السعودية في بيروت والذين كانوا خلال العام الفائت يشهرون
سيف العداء ضد حزب الله ويعربون عن حماسة جامحة في التعايش مع دعوات التفاوض
المباشر أو غير المباشر مع " اسرائيل " .
هل تستمر خيبة أنصار التفاوض مع الكيان الصهيوني
على الساحة اللبنانية ؟
يجب تذكير البعض أن دماء لبنانية حرى تنزف وبغزارة
على أرض الوطن . وأن دماء فلسطينية تسكب في ساحة الأمة والإنسانية تلطخ وجوه أرباب
التفاوض والإستسلام والهزيمة . أقول هذا الكلام وأنا أدرك أن هذه لغة خشبية مرفوضة
من قبل الكثيرين ولكنها لغة أقرب الى الحقيقة والصواب .
أيمن حجازي