أيمن حجازي

كانت اﻻنتخابات النيابية التي أجريت في ربيع عام 1972 آخر انتخابات حصلت قبل اندﻻع الحرب اﻷهلية اللبنانية، ما أدى الى تمديد دائم لذاك المجلس النيابي أطال في عمره حتى بلغ العشرين من السنين. فلا يستغربن أحد من اللبنانيين عيش المجلس النيابي الحالي الذي انتخب في ربيع عام 2009 تسعاً من السنين يكتملن في ربيع العام القادم. وﻻ مبرر للتململ الذي يبديه البعض أو اﻻعتراض على احتمال تطيير اﻻنتخابات النيابية القادمة وتأجيلها بفعل إعصار من أعاصير السياسة الملتهبة في لبنان والمنطقة. 
وقد ولد الخوف على مصير اﻻنتخابات النيابية القادمة إثر تمرير طروحات من بعض القوى السياسية الكبرى في لبنان بإمكانية حصول تعديل ما في القانون اﻻنتخابي الجديد، حيث يعلم الجميع أن أي تعديل يمكن أن يخضع له القانون اﻻنتخابي الوليد قد يجر وراءه تعديلات متشعبة، ما يفتح أبواباً واسعة لنفاذ الوقت (كما هي العادة) المحدد للتحضير للانتخابات النيابية القادمة. ومن ثم بدأ الحديث عن البطاقة الممغنطة وبطاقة الهوية البيومترية، حيث رُجِّحت كفة بطاقة الهوية البيومترية على البطاقة اﻻنتخابية الممغنطة، ما أثار نوعين من ردود الفعل على هذا الترجيح الميمون. أول نوع من ردود اﻷفعال صدر عن جهات تقنية خبيرة تعتقد أن عملية استبدال بطاقة بيومترية ببطاقة الهوية الحالية عملية تحتاج الى أكثر من الوقت الباقي الذي يفصلنا عن الموعد المفترض للانتخابات النيابية في أيار المقبل. أما النوع اﻵخر من ردود الفعل فقد كان سياسياً بامتياز حيث شرع رئيس المجلس النيابي نبيه بري من خلال «كتلة التنمية والتحرير» التي يرأسها في الدعوة إلى تقديم اﻻنتخابات النيابية الى ما قبل نهاية السنة الحالية، ضارباً عرض الحائط بكل المهل القانونية المفترضة وبالوقت المطلوب لإعداد بطاقة الهوية البيومترية وتوزيعها على الجماهير الناخبة. وجاءت خطوة الرئيس نبيه بري المشار إليها في سياق سياسي ظاهره الهدوء وباطنه اﻻحتدام، خصوصاً بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، ما ولد ردود فعل مختلفة كان أكثرها وضوحاً من رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل، الذي تولى من بلاد اﻻغتراب الرد على اقتراح الرئيس بري بتقديم موعد اﻻنتخابات النيابية، واصفاً هذا اﻻقتراح وكأنه رد مباشر على الجوانب الاصلاحية المميزة التي احتواها القانون اﻻنتخابي الجديد. أما تيار المستقبل ورئيس الحكومة سعد الدين الحريري فلم ينجوا من لسعات الرئيس نبيه بري السياسية وذلك عندما اعتبر أن موافقته على التمديد للمجلس النيابي الحالي حصل بعد أن قصده الحريري طالباً منه التمديد بسبب اﻷوضاع اﻷمنية المتفجرة آنذاك في مدينة طرابلس... وكأن الرئيس بري يلقي بمسؤولية التمديد للمجلس النيابي الحالي على عاتق الرئيس الحريري.
اذاً، احتدمت في الميدان السياسي وتطاير الشرر وتظهرت مجدداً خطوط التماس بين الرئاسات الثلاث وما زال «حزب الله» على صمته المعتاد في مثل هكذا مناسبات، وما زالت السفارات الكبرى في البلد الحبيب تتابع التطورات وتفعل وتتدخل فيها ساعة تشاء، وما زالت القوى السياسية اللبنانية ولجان القيد المفترضة والخبراء اﻻنتخابيون والمراقبون والساسة والقادة وعلية القوم يحاولون فهم بنود القانون اﻻنتخابي الوليد اﻷعجوبة وتفاصيله وﻻ يجدون الى ذلك سبيلا... ومع كل يوم وساعة ودقيقة يكبر السؤال الآتي: هل تجرى اﻻنتخابات النيابية في موعدها المفترض أم أن هذا الموضوع سيكون عرضة للتلاعب من جديد؟ اللهم احفظ ديمقراطيتنا المميزة وأجرنا من قساطل التمديد وأنابيبه. آمين.>