العدد 1348 / 9-2-2019
ايمن حجازي

بات رئيس الحكومة سعد الحريري متهما بالخضوع لرئيس التيار الوطني الحر وزير الخاجية جبران باسيل ، من قبل عدة جهات أبرزها النائب وليد جنبلاط والرئيس نبيه بري وبعض أطراف تيار المستقبل . ويعمد كل من هؤلاء الى تقديم رواياته المفضية الى تثبيت هذه الإتهامات الدامغة التي تخول صاحبها المضي في استخراج نتائج سياسية شتى ترتكز على هذا الاتهام المدوي.

فالرئيس نبيه بري يأخذ على الرئيس سعد الحريري منذ التسوية الرئاسية قبل أكثر من عامين ، أنه سار لوحده في غمار صفقة مع طرف سياسي مشبع بالمطالب والطموحات الملتهبة على المستويين الخاص والعام . ويعتقد الرئيس بري أن مسايرة الرئيس الحريري للتيار الوطني الحر في هذه المطالب والطموحات سيعود بالضرر على باقي الأطراف السياسية والطائفية وليس على تيار المستقبل والطائفة السنية اللبنانية فقط . وترى بعض الأوساط المقربة من الرئيس بري أن مستوى خضوع الحريري لباسيل بلغ في الآونة الأخيرة وفي المراحل النهائية من تشكيل الحكومة مبلغ التسويق المجاني لطروحات باسيل المتعلقة بتبديل بعض الحقائب الوزارية . أما رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي فإنه رأى في تدخل الوزير جبران باسيل في تفاصيل التشكيل الحكومي إطاحة بصلاحيات رئيس الحكومة التي نص عليها دستور الطائف ، والتي تم إجتياحها حتى في الشكل من خلال مبادرة الوزير باسيل الى عقد مؤتمر صحافي بعد ساعات معدودة من صدور مراسيم تشكيل الحكومة الجديدة وتحدثه بلغة المتحكم في كل عمليات التشكيل الواقعة خلال التسعة أشهر الماضية . وكأن الوزير باسيل يريد أن يكرس هذا الإجتياح لصلاحيات رئيس الحكومة من خلال ترويج عرف مستحدث .

ومما ضاعف من ثورة جنبلاط كان انقلاب الرئيس عون وفريقه على التسوية التي قبل بها زعيم المختارة لحل العقدة الدرزية قبل بضعة أشهر والتي قضت بتسمية رئيس الجمهورية للوزير الدرزي الثالث بعيدا عن الأمير طلال إرسلان ... فكانت النتيجة أن الوزير الدرزي الثالث بات ممثلا لطلال إرسلان وهو ابن أخت شيخ العقل الموالي له الذي حصل إشكال حول دعوته لحضور جلسة افتتاح القمة العربية الأقتصادية في بيروت . ما شكل استفزازا إضافيا للطرف الجنبلاطي في هذه الطاحونة السياسية الصاخبة القادرة على إسقاط التحالفات السياسية وإعادة تدويرها خلال أيام أو ساعات . فوليد جنبلاط الممتعض بقوة بعد تشكيل الحكومة والساخط على الرئيس الحريري المفرط بحقوق طائفته وفريقه السياسي السابق ، كان يتناول العشاء هو وزوجته ووائل أبو فاعور وغطاس خوري في أحد مطاعم بيروت بهناء وسخاء ورخاء قبل بضعة أيام ... وقبل أن يكتشف أن المقعد الدرزي الثالث ذهب الى الخصم الإرسلاني خلافا للتسوية التي صيغت لحل العقدة الدرزية .

ويتناغم مع الرئيس بري والزعيم جنبلاط في إتهام الحريري بالخضوع للتيار الوطني الحر والوزير جبران باسيل شخصيات وازنة داخل تيار المستقبل ، و تتماوج حركة أصواتها صعودا وهبوطا بين الهمس والغمز واللمز إلا أنها لا تملك النية على الإنقلاب على الرئيس الحريري ولا على مواقفه المحددة . وهي قد تبدأ بالرئيس فؤاد السنيورة ولا تنتهي بأشرف ريفي الذي لا يشكل جزءً من الهيكل التنظيمي لتيار المستقبل , مرورا بنهاد المشنوق المتهم بدوره للخضوع لحزب الله ومسايرته لمطالبه الأمنية.

قد تبدو مواقف الأطراف السياسية الأخرى متفاوتة حيال إتهام الحريري بالخضوع لباسيل ، ولكنها غير واضحة بالنسبة لحزب القوات اللبنانية الذي لا يرغب بهذا الخضوع ( ان وجد ) ولا يرغب في المقابل بالإساءة الى العلاقة مع الحريري . ويبدو حزب الله غير منزعج من هذا الخضوع لأنه يمثل خضوعا لحليف سياسي هو التيار الوطني الحر من قبل خصم سياسي هو تيار المستقبل . في حين يبدو تيار المردة متحسرا على خضوع المستقبل المفترض للتيار الوطني الحر الذي تحتدم معه العلاقة وترتطم بكل ما له علاقات بطموحات الوزير باسيل المشروعة وغير المشروعة , وفق ما تؤكده أوساط المردة...

وتبقى مقولة خضوع الحريري لباسيل تتحرك في خط بياني متعرج بين الإثبات والإتهام والبراءة .

ايمن حجازي