أيمن حجازي

ايمن حجازي

وفي الشهر السابع استراح سعد الدين رفيق الحريري ، ليس لأنه تمكن من تشكيل الحكومة العتيدة , بل لأن الكرة خرجت من ملعبه وباتت في ملعب الآخرين . وقد شعر الرجل انه نجح في الصمود في وجه محاولات انتزاع أحد المقاعد من حصته الحكومية المحجمة من جراء التحجيم الذي تعرضت له كتلته النيابية بعد الانتخابات الأخيرة التي فعل فيها القانون الانتخابي الجديد فعله الحاسم ... وحسم من هذه الكتلة ما يقارب الثلث .

وكان اسم جواد عدرة مساهما في إخراج الكرة من ملعب الحريري ، بعد أن رفض الوزير المرشح أن يكون ممثلا شرعيا ووحيدا عن اللقاء النيابي التشاوري الذي شعر أنه تعرض لعملية خداع مشهودة بتوزير عدرة وإبقائه من حصة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون . دون أن يكون للقاء التشاوري أي سلطة مفترضة على هذا الوزير الضائع الذي ظن أنه سيبقى سابحا في فضاء الحكومة القادمة دون رقيب أو حسيب . وهذا ما أدى الى حدوث انتكاسة واضحة في المساعي المبذولة لتشكيل الحكومة منذ سبعة أشهر . وقد فوجىء الجمع السياسي اللبناني بالخطوة التي أعقبت اشكالية جواد عدرة عندما أقدم رئيس التيار الوطني الحر (وزير الخارجية جبران باسيل) باقتراح بعض التبديلات في الحقائب الوزارية . ما لامس بعض الحقائب التي باتت من حصة الرئيس نبيه بري الذي استفز عندما فاتحه الرئيس سعد الحريري بالأمر بناء على اقتراح الوزير باسيل ... وقد عبر الرئيس بري عن امتعاضه من هذه المحاولة الباسيلية قائلا : " إن حصة أمل وحزب الله الحالية هي ستة وزراء وإذا استمريتم في المماطلة وفي تأخير تشكيل الحكومة قد ندفع باتجاه المطالبة بثمانية وزراء " . وذلك تعبيرا عن استياء رئيس المجلس النيابي من اقتراحات الربع الساعة الأخيرة التي تسبق ولادة الحكومة العتيدة .

في الأسبوع الماضي وانطلاقا من الجنوب وعد رئيس التيار الوطني الحر جماهيره بأن تكون الحكومة هي هدية الأعياد ، ولكن هذا الوعد لم يتحقق حتى هذه الساعة على الرغم من أننا لم نتجاوز رأس السنة الميلادية حتى هذه الساعة . والحكومة التي تدخل شهرها الثامن دون أن تبصر النور ، باتت في مرحلتها الأخيرة تقع تحت مسؤولية الحريري وباسيل والرئيس عون الذي يتعرض لمداخلات مشاكسة في بعض الأحيان من قبل الوزير باسيل الذي يبالغ في احتساب الربح والخسارة العائدين للتيار الوطني الحر, والتي غالبا ما تغلف بالغلاف المسيحي أو الماروني الذي يلامس المشاعر الشعبية المسيحية في كثير من الأحيان . ما يجعل من باسيل بطلاﹰ قومياﹰ مسيحيا لديه القدرة الكاملة على الدفاع عن مصالح المسيحيين وعلى محاولة استرجاع ما ضاع خلال الحرب اللبنانية من امتيازات كانت ممنوحة للمسيحيين والموارنة منذ أيام الانتداب الفرنسي . وهذا ما أظهر وزير الخارجية كأنه غير مستعجل على تشكيل الحكومة التي تأخرت ولادتها كثيرا .

وفي موازة كل ذلك يبدو اللقاء التشاوري مهشم البنية بعد أن تعرض لما تعرض له من خضة داخلية ابتدأت من طرح اسم جواد عدرة ولم تنته بسحب ترشيحه من قبل هذا اللقاء . فهل تبقى التسوية الحكومية على قيد الحياة من خلال الاتفاق على اسم وزير سنّي جديد يرضي اللقاء التشاوري ولا يستفز قصر بعبدا .

لقد هزلت البنية السياسية اللبنانية كثيراﹰ ، وتراكمت الاتهامات ضد أولي الأمر من الساسة والقادة , دون أن يرف جفن للقيادات العليا في البلد بفعل استناد الجميع الى كتل طائفية ومذهبية متراصة قادرة على صيانة مواقع كافة هذه القيادات بأعذار ومسوغات شتى ... فلا ضير أن تتأخر الولادة الحكومية أكثر وأكثر ، وقد يكون من المفيد والصحي أن

يتم الحمل شهره التاسع حتى تأتي الولادة طبيعية وسهلة وميسرة , فلا تستعجلوا يا أيها اللبنانيون مجيء حكومتكم الرشيدة لأنها لن تغير في واقع الحال شيئا في ما هو متوافر من معطيات موضوعية وحقائق كونية راسخة . فصبرا جميلا والله المستعان .