العدد 1490 /8-12-2021

تستمر مسيرة الغياب الحكومي في لبنان بعد ان تجمدت جلسات مجلس الوزراء منذ أكثر من شهر ، وذلك حين انفجرت قضية القاضي طارق البيطار واحتدمت المواجهة حول الإطاحة به من قبل ثنائي أمل - حزب الله . ويعتمد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على حيويته الذاتية ومرونته المميزة فيلجأ الى أسلوب إدارة مختلف من خارج طاولة مجلس الوزراء . فهو يتواصل مع الوزراء بشكل فردي ، وكل في وزارته ، او عبر لجان كانت مشكلة ، او حتى من خلال إجتماعات يدعى لها الوزراء المعنيون بكل موضوع من الموضوعات المقترحة . هذا فضلا عن تواصل فعال مع رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي بغية تأمين غطاء رئاسي جدي لأي خطوة يمكن أن يقدم عليها ، أو سعيا لتأمين دعم لأي معالجة من المعالجات المطلوبة .

ويستمر التعقيد السياسي المتكدس والناشيء عن قضايا القاضي بيطار ، والتحقيق بحادثة مستديرة الطيونة ، والطعن بالقانون الإنتخابي واحتدام العلاقات الديبلوماسية مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج . ويتواكب هذا التعقيد السياسي مع التهاب أسعار السلع أضعافا مضاعفة ما فاقم الأزمة الإجتماعية وجعلها كارثية تسحق فيها معظم الشرائح اللبنانية .

ولكن البارز في هذا الخضم هو تعايش الرئيسين عون وميقاتي مع هذا التجميد والتعطيل الذي أصاب العمل الحكومي ، وممارستهما لنشاطهم السياسي بشكل اعتيادي خصوصا على مستوى الجولات الخارجية التي حملتهما في الأسبوعين الماضيين الى عواصم أوروبية وعربية عدة . فضلا عن مجاهرة الرئيس ميشال عون باءختلافه مع حزب الله حول قضيتين كان اولهما قضية الموقف من القاضي طارق البيطار الذي لا يعتقد الرئيس عون أنه قد سيس مهمته القضائية . والقضية الثانية هي الموقف من استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي الذي يتضامن فيه الرئيس عون مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كخطوة تمهيدية لحلحلة الأزمة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى .

لقد كان الجهد السياسي منصبا في البلد في العامين الأخيرين حول إيجاد تسوية سياسية كبرى للعديد من المسائل السياسية العالقة منذ ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩ ، ولكن الجهد الحالي يتركز على العودة الى إستئناف عمل الحكومة الحالية كجزء من الأزمة اللبنانية المتشعبة . ويعتقد البعض في هذه العجالة ان ضيق الوقت قد يحول الأزمة السياسية المنحصرة بمصير الحكومة الحالية الى أزمة متعلقة بمصير الإنتخابات النيابية التي باتت مهددة بعد تقديم الطعن الدستوري من قبل نواب التيار الوطني الحر بالقانون الإنتخابي الذي أجريت عليه في المجلس النيابي المبارك تعديلات تفصيلية طفيفة قبل بضعة أسابيع . ويضيف هذا البعض أن عرقلة او تعطيل الإنتخابات النيابية المفترضة قد يقود الى وضعية الأزمة المفتوحة وصولا الى الإنتخابات الرئاسية التي قد يستحيل إجراؤها في ظل انعدام أي توافق سياسي ما كما هو معلوم . ويهمس بعض المتشائمين بأن تعطيل الإنتخابات النيابية إن حصل قد يؤدي الى إنقسام حاد حول مشروعية المجلس النيابي ما يحمل في طياته مخاطر حتمية قد تطيح بوحدة الكيان السياسي اللبناني المهدد بدوره بمواسم مجاعة قادمة لا محالة إن استمر الدولار الأخضر محلقا في فضاءات الوطن الكئيب .

أيمن حجازي