العدد 1403 / 4-3-2020

تستكمل حكومة الدكتور حسان دياب خطواتها العملية في مواجهة المعضلة الإقتصادية والمالية وفي مواجهة المعضلة الصحية الناتجة عن وباء كورونا الوافد إلينا من خارج الآراضي اللبنانية والمنتشر في جميع أنحاء العالم . وقد أغتنمت هذه الحكومة فترة الهدوء التي أصابت الحراك الشعبي المنطلق من السابع عشر من تشرين الأول الماضي ، ومن حالة إستراحة المحارب التي دخل فيها تيار المستقبل . مع ملاحظة أن الحزب التقدمي الإشتراكي حصر مشكلته مع العهد وتحديدا مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ، مع تحييد جنبلاطي واضح للرئيس دياب الذي استلم وديعة من سيد قصر المختارة تُدعى منال عبد الصمد وهي من تتولى بجدارة مهام النطق بإسم مجلس الوزراء وجلساتها الناشطة في قصر بعبدا وحتى حزب القوات اللبنانية يبدو أنه يدخل في حالة إعادة ترتيب أوراقه التحالفية في ضوء مستجدات العلاقة مع تيار المستقبل وهي علاقة بمجملها فاترة إن لم تكن باردة . ومع هدوء الميادين الثورية مرت حكومة اللون الواحد بإمتحان العلاقات الخارجية الإيجابي حيث تحرك وزير الخارجية ناصيف حتي بإتجاه العاصمة الفرنسية واجتمع الى وزير الخارجية الفرنسي الذي أكد إستعداد بلاده عل إستمرار مواقفها الداعمة للحكومة اللبنانية في نفس الوقت الذي زار السفير الفرنسي في بيروت السراي الكبير واجتمع الى رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب مؤكدا نفس الموقف الفرنسي الحاضن نسبيا ولو بتحفظ للوضع اللبناني المتألم كما أن الولايات المتحدة الأميركية إستمرت في إمتداحها للجيش اللبناني ودوره المميز ، دون الإقدام على إطلاق إشارات سلبية بإتجاه الحكومة الوليدة .

وكان مميزا إقدام السفيرة الأميركية في بيروت على تلاوة رسالتها الوداعية من قصر بعبدا إثر لقائها الرئيس ميشال عون ، حيث جاءت تلك الرسالة مفعمة بالخطاب الذي يتبناه الحراك الشعبي والقوى " الثائرة " . وكأن تلك السفيرة أرادت في رسالة الوداع للعاصمة اللبنانية أن تؤكد رغبة الولايات المتحدة الأمريكية التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية . وفي موازاة ذلك كانت تحركات السفير البريطاني في بيروت معبرة عن الحياد الإيجابي حيال الحكومة اللبنانية الجديدة ، ولم يظهر أي موقف نافر في مواقف ذلك السفير من المواضيع المحلية المطروحة التي تجنب الخوض فيها في تصريحاته العلنية.

وفي المقابل ، كانت العلاقة بين الرئيس حسان دياب والحكومة الجديدة من جهة , والمملكة العربية السعودية ودول الخليج من جهة أخرى محل متابعة من قبل الأوساط السياسية والإعلامية كافة ، حيث قيل الكثير من الهمس والقليل من المواقف المعلنة التي كان يجب أن تفصح عن فتح أبواب المملكة أمام الرئيس دياب أم إقفالها .

حيث بقيت هذه المسألة ضبابية جدا وغير قابلة للوضوح أو الإتضاح . وقد سجل على هامش هذه القضية تجاذب إعلامي خشن بين أوساط الرئيس دياب وتيار المستقبل في ضوء ما قيل عن تحريض مفترض ينطلق من الرئيس سعد الحريري في العاصمتين السعودية والإمارتية بهدف عدم إقامة جسر للتواصل بين دياب ومسؤولي هاتين العاصمتين . ويقال في هذا الخضم أن العاصفة العالمية التي تهب من جراء فيروس كورونا قد ساهمت في صرف الأنظار عن اي إشتباك سياسي محلي كان يمكن أن ينشأ في هذه الفترة . مع ملاحظة أن حزب الله قد سجل محاولات وصفها باللاأخلاقية من جراء إنتشار الكورونا في إيران ، ومن جراء المبالغة في توهين إجراءات وزارة الصحة اللبنانية الموضوعة في عهدة وزير تكنوقراط مقرب من حزب الله في حكومة دياب.

إنها مرحلة هدوء نسبي تعيشها الحكومة اللبنانية الجديدة ، في ظل إحتدام الأزمة المالية والإقتصاية القائمة في البلد والتي يبدو أنها ما تزال في النفق المظلم الذي يؤلم كل اللبنانيين على إختلاف إنتماءاتهم ومشاربهم.

ايمن ججازي