العدد 1337 / 14-11-2018
أيمن حجازي

شهد الأسبوع المنصرم موقفين للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ولرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري تناولا فيهما الموقف من آخر تعقيدات التشكيل الحكومي التي تطلق عليها تسميات شتى . فمنهم من يقول انها عقدة تمثيل النواب السنة المستقلين ، ومنهم من يقول انها عقدة سنة الثامن من آذار ، ومنهم من يقول انها عقدة النواب السنة من خارج تيار المستقبل ومنهم من يرغب بتسميها باختصار ممنهج " العقدة السنية " ... وقد جاء اعلان موقف الأمين العام لحزب الله خلال احتفال يوم شهيد "حزب الله" ، أما موقف رئيس الحكومة المكلف فقد أعلن خلال مؤتمر صحافي خصص للحديث عن هذه العقدة اثر عودته من غياب باريسي استمر حوالي أسبوع من الزمن وتم الرد فيه على موقف "حزب الله ."

لم تخرق السقوف في اعلان هذين الموقفين ، انما حصلت بعض التحمية التي يحتاجها تمتين موقف كلا منهما بغية حل العقدة بالشكل الذي يتوافق مع الرغبة السياسية لكليهما . وخلاصة ما يمكن قراءته في خطاب السيد نصر الله أن حزب الله تواضع منذ البداية ورضي بالحصة الوزارية الشيعية على الرغم من أن حجم الكتلة النيابية للثنائي الشيعي تسمح بمزيد من التمثيل الوزاري في ظل وجود نواب غير شيعة في عداد هذه الكتلة . وأن وقوف حزب الله الى جانب مطالبة النواب السنة من خارج تيار المستقبل بتوزير أحدهم أمر طبيعي جدا ، في ظل وقوف الرئيس الحريري طوال خمسة أشهر الى جانب حليفيه حزب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي ... وبناء عليه فلا ينبغي للرئيس الحريري أن يستكثر على حزب الله أن يقف الى جانب حلفائه السنة خصوصا بعد أن تراجع عن المطالبة بتمثيل حليفه الآخر الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي لم يتمكن في الانتخابات الأخيرة من الحصول على عدد من النواب يخوله المطالبة بوزير ما في الحكومة الموعودة وفق المعايير الشائعة .

رد الرئيس سعد الحريري جاء من خلال القول أنه لا يمكن له أن يدفع الفاتورة مرتين وأن النواب السنة الستة الذين باتوا يشكلون اللقاء التشاوري النيابي السني ، أربعة منهم ينتمون الى كتل نيابية ممثلة بالحكومة وقد أكد الحريري أنه " ما كان فتح تمو " لو أن هؤلاء النواب كانو كتلة واحدة منذ البداية ، لا أن يتم افتعال تكوين كتلتهم على عجل في الربع الساعة الأخير من التشكيل الحكومي . وأكد الحريري أنه لا ينوي احتكار التمثيل السني بدليل موافقته على أن يكون أحد الوزراء السنة من حصة رئيس الجمهورية ، وأنه ينوي تمثيل كتلة الرئيس نجيب ميقاتي بوزير سني . وأنه في حال تنازل عن وزير سني ثالث فان " بي" السنة في لبنان يفقد نصف التمثيل السني . وأنه لو كان يريد احتكار التمثيل السني لما وافق على القانون الانتخابي الذي كان يهدف في ما يهدف اليه الى اضعاف التمثيل النيابي عموما والسني خصوصا لتيار المستقبل . وقد لوحظ الحشد الكبير السياسي والنيابي وحتى الاجتماعي المشارك في المؤتمر الصحافي للرئيس الحريري .

لم يقفل السيد نصرالله و الرئيس الحريري الأبواب في وجه بعضهما البعض ، بل تبادلا تجميع الحجج والمعطيات التي تحرج الطرف الآخر على المستوى اللبناني والتي تقوي العصب السياسي والطائفي والمذهبي لكلا الفريقين . وذلك لكسب الجولة الأخيرة في الماراتون الحكومي الطويل الذي ابتدأ في الرابع والعشرين من أيار الماضي ، والذي سيؤثر على ميزان القوى السياسي داخل حكومة يقال أنها قد تعيش الى نهاية العهد أطال الله في عمر الجميع بلا أي استثناء . ويفترض في هذه الحكومة المديدة العمر والصولجان أن تشرف على الإنتخابات النيابية القادمة وأن تحدد طبيعة القانون الانتخابي البديل ان رغب الجمع السياسي الغفير بتعديل أو تغيير القانون ... هذا في حال نجونا من سيف التمديد القاطع والرائج في بلدنا على الدوام .

يكاد أن يكون هناك إجماع على أن الحل الممكن للمعضلة الحكومية المشار اليها بات في يد رئيس الجمهورية ميشال عون الذي خصص له وزير سني في حصته المشار اليها آنفا ، حيث تبرز لكل طرف من الأطراف رؤية خاصة لهذا الحل ... فأوساط الرئيس عون تحبذ على ما يبدو توزير رئيس بلدية صيدا السابق عبد الرحمن البزري كونه من سنة الثامن من آذار ، الا أن النواب الستة يرفضون أي تمثيل من خارجهم وهم يتحفظون على الدخول الى الحكومة من حصة رئيس الجمهورية ويريدون أن يتمثلوا بشكل طبيعي ومن حصتهم التي منحتهم اياها القواعد الناخبة ولكنهم في نهاية المطاف قد يتخلون عن تحفظهم هذا ويسيروا في الركب كي تنطلق القافلة لتغذ السير في الصحراء اللبنانية القاحلة التي قد تجد فيها بعض الواحات للاستراحة فقط .