العدد 1533 /19-10-2022
ايمن حجازي

الزحف نحو الفراغ الرئاسي في قصر بعبدا يسير بخطى ثابتة الى استحقاق الحادي والثلاثين من تشرين الأول الحالي وفق ما تفيد كافة المعطيات السياسية اللبنانية وغير اللبنانية . وتبدو الساحة السياسية الداخلية معنية أكثر من أي أمر آخر بتحديد الجهة الحكومية التي ستتولى مهمة سد الشغور الرئاسي وفق الآلية الدستورية المنصوص عليها في الدستور اللبناني . فهل يتم تشكيل حكومة جديدة استنادا الى تكليف الرئيس نجيب ميقاتي الذي حصل في أعقاب الإنتخابات النيابية الأخيرة ، أم تتولى الحكومة المستقيلة صلاحيات الرئاسة التي ستصبح فارغة منذ بداية الشهر المقبل ؟

لقد ناضل التيار الوطني الحر وكافح من أجل القول بعدم إمكانية تولي الحكومة المستقيلة المهام الرئاسية دون جدوى فعاد النائب جبران باسيل الى القول بوجود فوضى دستورية ستحل على البلاد في حال عدم تشكيل حكومة جديدة قبل ٣١ تشرين الأول الجاري . وهو سقف دون السقف السابق لباسيل الذي كان يطعن بالسلامة الدستورية لمثل هذا الأمر ، قبل أن يحسم مدير عام مجلس الوزراء القاضي محمود مكية وعدد من رجال وخبراء القانون والدستور الموضوع ويثبت أن الحكومة المستقيلة هي المخولة دستوريا بتولي الصلاحيات الرئاسية في حال الدخول في مرحلة الشغور المشار اليها . ولاحظ البعض أن مصطلح حكومة تصريف الأعمال غير موجود في الدستور اللبناني وأن الترويج لهذا المصطلح يهدف الى إضعاف دور الرئاسة الثالثة في مرحلة "التغيير الحكومي" وفي هذه المرحلة من الشغور الرئاسي المفترض ليس إلا . وباتت العملية السياسية في الأيام الأخيرة تدور حول تعديل بعض الحصص التي تطمح بعض القوى السياسية الى نيلها داخل الحكومة بغية ضمان تأثير أكبر في قرارات مجلس الوزراء خلال فترة الفراغ الرئاسي . ويشكو بعض المقربين من التيار الوطني الحر من إنقلاب بعض الوزراء في ولائهم وميلهم الى الإقتراب من الرئيس نجيب ميقاتي وهم الذين كانوا قد عينوا وزراء بناء على ترشيح التيار الوطني الحر لهم في المواقع الوزارية التي يحتلونها حاليا ويأتي في طليعة هؤلاء وزير الخارجية عبد الله أبو حبيب . في الوقت الذي يشكو الرئيس ميقاتي من وزير المهجرين عصام شهيب شرف الدين المحسوب على الأمير طلال ارسلان وذلك حين جاهر في أكثر من مناسبة بخلافه الحاد مع الرئيس ميقاتي .

هل يقتصر الأمر على هذا الجهد السياسي اليائس من امكانية حصول إنتخابات رئاسية ؟ وهل انعدم البحث في الوصول الى توافق ما على اسم تسووي للدخول الى قصر بعبدا ؟

يبدو أن الجهود المبذولة في هذا الإطار ما زالت تتحرك خلف الكواليس وهي تشمل الداخل اللبناني والخارج أيضا . ويظهر من طريقة إنعقاد جلسات المجلس النيابي ومن التوافق الضمني على تطيير النصاب بين الكتل النيابية الكبيرة ، أن التأني في هذا الموضوع هو سيد الموقف حيث يرى المعنيين الكبار و أن هناك متسعا من الوقت قبل أن تحصل تسوية ما ... على رئيس ما ... ينعم به الوطن اللبناني العزيز . في هذه الأثناء يبدو الإصطفاف السياسي يمر في مرحلة عصيبة حيث التوازن يكاد أن يفقد لمصلحة تحالف قوى الثامن من أذار بعد أن خرجت كتلة اللقاء الديموقرطي برئاسة تيمور وليد جنبلاط من التحالف مع قوى " اليمين " اللبناني التاريخية المتمثل بحزبي الكتائب والقوات اللبنانية . وبات الباب مفتوحا أمام التوصل الى أرضية سياسية مشتركة بين قوى الثامن من أذار وجنبلاط الذي أعلن رفضه الإ نجرار الى أي حملة مضادة لحزب الله والمقاومة اللبنانية . حتى لو كان الموقف الحالي لجنبلاط منسجم مع الموقف القواتي والسعودي الداعم لترشيح ميشال معوض لرئاسة الجمهورية. ولأن جنبلاط يعتبر دعمه الحالي لمعوض من قبيل المزح وأن الجد لم يبدأ في الإنتخابات الرئاسية حيث الخيار الرئاسي الجنبلاطي الحقيقي سيظهر في حينه . فلا بأس من تقطيع وقت هذه الجلسات الإنتخابية التجريبية بما يرضي السفير السعودي ويحافظ على خيط العلاقة الرفيع مع مكونات معسكر الرابع عشر من أذار او ما تبقى منه .

ماذا في بورصة الأسماء الرئاسية ؟ لا شيء جدي حتى هذه الساعة سوى همسات خافتة في الداخل والخارج حول اسم واحد ... جوزف عون .

أيمن حجازي