العدد 1397 / 22-1-2020

حكومة حسان دياب هي الحكومة الثالثة في عهد الرئيس ميشال عون ، وهي من حيث الشكل حكومة تفصل النيابة عن الوزارة حيث لا نجد في عدادها أي نائب عضو في المجلس النيابي الكريم . وهي تشابه جزئيا ما أطلق عليه منذ خمسين سنة "حكومة الشباب" في بداية عهد الرئيس سليمان فرنجية من عام ١٩٧٠ . ويذكر أن تلك الحكومة كان في عدادها أيضا وزيرا من آل مشرفية كما هي حالة حكومة حسان دياب ، وهو الدكتور حسن مشرفية الذي كان آنذاك عميدا لكلية العلوم في الجامعة اللبنانية .

كانت تلك الحكومة في سبعينات القرن الماضي برئاسة السياسي البارز صائب سلام بينما الحكومة الحالية برئاسة شخصية تكنوقراط قادمة من موقع أكاديمي في الجامعة الأميريكية التي أقدمت رئاستها ورئاسة الجامعة اليسوعية في بيروت على رعاية الحراك الشعبي منذ إنطلاقته . وكان إسم حسان دياب من ضمن لائحة ضمت أربعين إسما رُفعت الى الرئيس عون من قبل رئيس الجامعة الأميريكية في بيروت لتولي مهمات حكومية تلبية لمطالب الحراك المشار اليه . وقد تميزت الحكومة الوليدة بثلث نسائي غير معطل ، تمثل بست وزيرات من أصل عشرين وزيراً بينهن وزيرة للدفاع ونائبة لرئيس مجلس الوزراء ما أدخل البلد في حالة متفاعلة مع نون النسوة وتاء التأنيث ...

تعتقد قوى اللون الواحد التي سعت جاهدة الى ضم قوى اللون الآخر الى صفوف الحكومة ، أن هذه التشكيلة الحكومية التي صدرت مراسيمها مساء الثلاثاء الفائت ستسهم في تنفيس الإحتقان الشارعي الذي سينحصر لاحقا في جمهور تيار المستقبل الطامح الى إعادة الرئيس الحريري الى سدة الرئاسة الثالثة . وهو جمهور معروفة النقاط الجغرافية التي يتحرك فيها ومن خلالها في العاصمة وعلى الطريق بين صيدا وبيروت وفي الشمال والبقاع الغربي . وبالتالي فإن الرئيس الحريري لن يتمكن من التنصل من تحركات جمهوره الى ما لا نهاية ، ذلك أن جمهور تيار المستقبل ليس كجمهور نادي النجمة الذي يتفلت من عقاله في كثير من الأحيان .

من الناحية المالية لوحظ أن لجم الدولار قد تم في الدقائق الأولى لتشكيل الحكومة الجديدة ، ما زاد من الشكوك حول عمليات رفع سعر الدولار و التي يبدو أنها كانت تتم تحت وطأة التنسيق بين المصرف المركزي وشبكات الصيرفة المتمكنة من السوق المالي اللبناني . وهذا ما لا يعني أن المشكلة الإقتصادية الكبرى تتجه نحو الحلحلة ، بل ان وضع حد لتدهور سعر صرف الليرة يحمل في طياته تنفيسا محدودا للأزمة الكبرى التي يعاني منها المواطن اللبناني في قوت يومه . وهذا ما يؤدي الى الإستنتاج بأن تشكيل الحكومة التي يترأسها حسان دياب ليس حلا جذريا للمشكلة التي دخل في حمأتها الوطن اللبناني من ١٧ تشرين الأول الماضي وأن أمامنا طريق طويل وخطوات مطلوبة على المستويات السياسية والإقتصادية المختلفة . والأدهى من كل ذلك أن هناك رقابة دولية إنتدابية تلاحق التفاصيل اللبنانية وتفرض خطوطا سياسية وإقتصادية وقد تصبح خطوطا أمنية على الواقع اللبناني وغالبا ما تتلقفها وجوه الحراك وأرباب الثورة . وتأتي من ضمن هذه الخطوط المشار اليها الرغبة الأميريكية بإدخال قوة من المارينز الى لبنان تحت عنوان حماية السفارة الأميريكية والديبلوماسيين الأمريكان .

تبرز هذه المعطيات بينما يقف جزءً من الشارع اللبناني متحفزا وطامحا الى وأد الحكومة الجديدة في مهدها عبر الإحتجاجات والتمردات والصدامات غير المهذبة بين المتظاهرين وقوى الأمن الداخلي في سهرات الليل البيروتي الطويل ... فعلى تنجح عملية الوأد تلك ؟ ﴿ وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت صدق الله العظيم .

ايمن حجازي