العدد 1367 / 26-6-2019
أيمن حجازي
تابع رئيس التيار الوطني الحر (جبران باسيل) جولاته الشعبية
والحزبية في المناطق اللبنانية ، ووصل في الأسبوع الماضي الى منطقة البقاع وعقد في
مدينة بعلبك لقاء مع المحازبين كان على جانب كبير من السخونة بعدما أعترضه بعض
المشاركين الذين كان منهم فتاة جسورة أدلت بدلوها واشتكت من أنها لم تعين في
الوظيفة التي تقدمت لها على الرغم من أنها نجحت في امتحانات مجلس الخدمة المدنية
المخصصة لهذه الوظيفة . فما كان من وزير الخارجيةالذي وجهت له ولتياره السياسي من قبل تلك الفتاة تهمة الطائفية ، إلا أن رد
هذه التهمة بإتهام مضاد للفتاة وللآخرين بأنهم لايريدون الحفاظ على الوجود المسيحي
في لبنان ، وبأنهم قوم ضد التنوع الطائفيفي هذا الوطن .
ولم
يكتف الوزير باسيل بهذا القدر من الرد ، بل إنه تابع مذكرا الجميع بأن دفاعه ومن يعبّر
عن جزء من أبناء الوطن في دول العالم وفي المحافل الدولية يجب أن يقابل بحرص من
الجانب الإخر على الوجود المسيحي في لبنان . وما لمح له الوزير باسيل ، عاد وقاله
مستشاره في وزارة الخارجية (انطوان قسطنطين) أن المناصفة في الوظائف الإدارية يجب
أن تكون كاملة . وعلى الرغم من أن مستشار وزير الخارجية تجاوز صلاحياته عندما
تناول في أحاديثه الإعلامية شؤونا سياسية محلية بعيدة كل البعد عن مهماته في وزارة
الخارجية ، فان قسطنطين المشار اليه كشف المستور في قضايا العديد من التعيينات
الإدارية المجمدة التي يقبع فيها مئات من الناجحين في مباريات مجلس الخدمة المدنية
في خانة الإنتظار لبضع سنوات بحجة عدم وجود فائزين مسيحيين يساوون الفائزين
المسلمين ... ما أدى الى وقوع ظلم فادح على عدد كبير من المتبارين المسلمين
والمسيحيين على حدّ سواء .
لا
يكتفي وزير خارجيتنا جبران باسيل وتياره السياسي بالمناصفة السياسية في مجلس
النواب ومجلس الوزراء ، وفي ذلك ظلم كبير يلحق بأكثر من ٦٦ بالمئة من الشعب
اللبناني وهم مسلمون مضطهدون في حجم
تمثيلهم النيابي والوزاري بلا أدنى شك ، وهذا ما يناقض البديهيات في أي نظام
ديموقراطي محترم .
ولا يكتفي وزير خارجيتنا جبران باسيل وتياره السياسي
بالإستحواذ على خمسين بالمئة من موظفي الفئة الأولى لطائفته المسيحية التي نجل
ونحترم ، وفي ذلك ظلم كبير يلحق بأكثرية الفائزين الكفوئين من الذين لا ينتمون الى
الطائفة الممتازة .
لا
يكتفي وزير خارجيتنا بكل ذلك ، بل إنه يريد أن يخرق الدستور اللبناني الذي أقر بعد
إتفاق الطائف وأن يخضع كافة موظفي الدولة اللبنانية الى مناصفة ظالمة وجائرة لا
تتلاءم مع الحد الأدنى من العدل الجزئي الذي طعن بالمناصفة السياسية(النيابية
والوزارية) والإدارية (موظفي الفئة الأولى) . ما يكشف عن حالة من حالات الجشع
الطائفي التي تراود مخيلة الساعين الى إعادة إنتاج نظام الإمتيازات الطائفية الذي
سبّب حروبا أهلية شتى . وهذا ما يدعو الى الظن بأولئك الحالمين بعودة الإمتيازات
بأنهم دعاة حرب أهلية يحملونها على أكتافهم وألسنتهم وفي عقولهم المنتيمة الى
أزمان التخلف والتعسف الطائفي و ترويج مقولات التفوّق والإستعلاء على أكثرية الشعب
اللبناني الحقيقية . ويبدو أن جبران باسيل وتياره السياسي قد نجحا في تمرير دفعة
تعيينات في الجمارك ، تلتزم معايير المناصفة الكاملة التي تحمل في طياتها الكثير
الكثير من المظالم نتيجة عدم الإلتزام بمعيار الكفاءة التي تكفلها مباريات مجلس
الخدمة المدنية . وهذا يمثل سابقة خطيرة قد تمتد خارقة للدستور نحو قطاعات أخرى من
الإدارة اللبنانية .
... إنه
جبران باسيل البعلبكي الذي أكمل خلع الأقنعة المحسنة لصورة الإنقلاب على الحقائق
الجديدة للإجتماع اللبناني .
إنه جبران باسيل البعلبكي العائد عشرات السنين الى الوراء
حيث الإمعان في الظلم والحرمان والتمييز ،
في مقابل الإمتيازات الجائرة حتماﱠ .
ايمن حجازي