العدد 1353 / 13-3-2019
أيمن حجازي

لعل انطلاقة العمل الحكومي تتنوع اتجاهاته في حسابات الأطراف الفاعلة في البنية المكونة لمجلس الوزراء ، وهذا ما يمكن رصده من خلال تتبع حركات الوزراء المعنيين . فالتيار الوطني الحر يقدم معالجة موضوع النازحين السوريين وإعادتهم الى بلادهم على غيره من المواضيع ، وتيار المستقبل ومعه الرئيس سعد الحريري يتابع الرعاية الدولية للشأن الاقتصادي اللبناني من خلال مؤتمر سيدر في نسخته الأصلية ، وحاليا من خلال مؤتمر بروكسل المتعلق بموضوع النازحين . هذا في الوقت الذي جدد فيه حزب الله عزمه على متابعة ملفات الفساد الذي أوصل بعضها الى القضاء اللبناني الذي يفترض أن يبت في مضامينها سلبا أم ايجابا .

ويتأبط كل طرف من الأطراف هموماﹰ أخرى الى جانب الهموم الرئيسية المشار اليها والمعلنة على الملأ ... فالتيار الوطني الحر يعلم أنه بات المعني الأكبر في التصدي لمعضلة الكهرباء من خلال توليه لهذه الحقيبة الهامة , مع عدم إغفال العين عن إنتخابات الرابطة المارونية التي يخوض غمارها العضو السابق في تكتل التغيير والإصلاح نعمة الله أبو النصر وذلك على رأس لائحة متكاملة . ويعتبر التيار الوطني الحر نفسه معنياﹰ باستكمال السيطرة على هذه الهيئة المارونية من أيام الراحل شاكر أبو سليمان الذي ترأسها لسنوات طويلة . أما تيار المستقبل فانه يخوض غمار معركة الإعادة في طرابلس على أحد المقاعد السنية في المدينة الذي تم الطعن به ونزعه من السيدة ديما جمالي . وتتمتع هذه المعركة برمزية كبيرة في ساحة تعج بالقوى المتنوعة التي تشمل تيار المستقبل وتيار العزم وآل كرامي والنائب محمد كبارة واللواء أشرف ريفي والجماعة الاسلامية وجمعية المشاريع وغيرهما من القوى المحلية التي يجب أن تفرز مواقفها من أجل أن تظهر صورة صاحب المقعد النيابي المشار اليه . وكان لافتا " لقاء القمة " الذي عقد في منزل الرئيس فؤاد السنيورة وضم الرئيس سعد الحريري واللواء أشرف ريفي وذلك من أجل الحؤول دون تبعثر أصوات البيت الواحد ما قد يفسح في المجال أمام اللقاء التشاوري كي يقضم مقعدا نيابيا سنيا جديدا يضيفه الى رصيده المزعج للرئيس الحريري .

ولا يخفى على أحد أن حزب الله منشغل أيضا بالتصدي لإجراءات الحصار المالي الغربي الذي تتعرض له مؤسساته الإجتماعية والصحية والتربوية ما دفع بالأمين العام لحزب الله السيد حسن في خطابه الأخير الى تناول هذا الموضوع والى دعوة جمهوره الى تفعيل عمل هيئة دعم المقاومة الإسلامية كرافد من الروافد التي تؤمن دعما شعبيا ماليا مباشرا للحزب ومؤسساته . وفي موازاة ذلك يستمر حزب الله من خلال توليه لحقيبة الصحة في الحكومة الحالية في سعيه لتقديم نموذج خدماتي فاعل ، وذلك عبر رفع الأسقف المالية للمستشفيات الحكومية في معظم المناطق اللبنانية والتي تمت زيارتها من قبل الوزير جميل جبق وذلك على أمل تحقيق إصلاحات إضافية في بنية الوزارة وفي برامجها المختلفة .

أما القوى السياسية الكبرى الأخرى ممثلة بحركة أمل وبحزب القوات اللبنانية وبالحزب التقدمي الإشتراكي ، فان كل واحدة منها باتت معنية بقضية ما ... وفق الإعتبارات التالية :

- الى جانب الإدارة البرلمانية التي يمسك بزمامها الرئيس نبيه بري ، تسعى حركة أمل الى تنمية حضورها الشعبي في البقاع من خلال وزارة الزراعة و لعب دور بنيوي راسخ في الدولة اللبنانية عبر وزارة المالية الذي يتولاها الوزير علي حسن خليل الذي يرشحه البعض للعب دور أكبر في مستقبل حركة أمل السياسي والتنظيمي .

- أما حزب القوات اللبنانية الذي لم يتمكن من الحصول على وزارة خدماتية أو سيادية هامة ، فانه يحرص على المرتبة الثانية في لائحة القوى المسيحية التي نالت خمسة عشر مقعدا نيابيا في الإنتخابات النيابية الأخيرة . وهذا ما يدفعه الى أداء دور رقابي فاعل في موضوع الكهرباء وفي المواضيع المالية الملحة في البلد وفق طموح رئيس الحزب سمير جعجع .

- أما الحزب التقدمي الإشتراكي الذي انتزع منه أحد المقاعد الدرزية فانه يضمد جراحاته ويسعى من خلال وزارة التربية والتعليم العالي أن يكون فاعلا في قطاع أساسي من قطاعات المجتمع اللبناني المتنوع ، على أمل أن تمنح علاقات هذا الحزب الدولية والإقليمة مزيدا من الحصانة السياسية المطلوبة .

... وخلاصة القول أن تعاكس الإتجاهات التي تعتمدها الأطراف المكونة للحكومة اللبنانية الحالية لن يؤدي الى الإصطدام أو الإرتطام لوجود قرار سياسي حاسم بوجوب التعايش بين "القبائل اللبنانية" المزدحمة .

ايمن حجازي