العدد 1472 /4-8-2021

على وقع الذكرى السنوية الأولى لإنفجار مرفأ بيروت الكارثي ، بدأت التصدعات تضرب الصورة الإيجابية لتكليف الرئيس نجيب ميقاتي الذي أوحى بوجود تناغم ما بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون . فسرعان ما انكشف المستور في كمين وزارتي الداخلية والعدل ، الذي دفع الرئيس ميقاتي الى القول بأن المهلة ( مهلة تشكيل الحكومة ) ليست مفتوحة و ان الطريق ليست ممهدة نحو تشكيل الحكومة .

وكانت ضربة معلم من الرئيس ميقاتي حين جعل التأخر في تشكيل الحكومة حجة له وليست عليه طالما أن الذي يشترط الإشتراطات هو الفريق الرئاسي في قصر بعبدا . في حين كان التأخر في تشكيل الحكومة ورقة ضغط تستخدم في ضد الرىيس سعد الحريري إبان تكليفه تشكيل الحكومة . وبناء عليه بدأت السيناريوهات ترتسم طارحة السؤال حول موعد إعتذار الرئيس ميقاتي عن عدم تشكيله للحكومة . ما جعل الرئيس عون وفريقه السياسي في حراجة بالغة . وقد واكب المتحكمين بسعر الدولار هذا التطور السلبي وبدأوا برفع أسعار الدولار اليومي بعدما هبطت العملة الخضراء بشكل واضح إثر تكليف الرئيس ميقاتي بتشكيل الحكومة العتيدة .

ثمة أمر طائفي جديد سيضرب الحكومة الميقاتية القادمة إن قدر لها الولادة والحياة . وهي أن هذه الحكومة ستكون حكومة إسلامية بإمتياز ، بعد ان أعلنت القوتين المسيحيتين الكبريين في البرلمان اللبناني عدم المشاركة في هذه الحكومة . كل من دوافعه السياسية الخاصة ، ولكن الخلاصة الحقيقية قد تجعل من هذه الحكومة المفترضة أو الإفتراضية خالية من التمثيل السياسي المسيحي . وقد وصف هذا الموقف من قبل التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية باللامسؤول لعدم مراعاته مقتضيات الوحدة الوطنية التي تشكل عنصر القوة والمنعة في أي بنيان حكومي منشود .

هذا في الوقت الذي يتوجس فيه الكثيرون من طروحات تقسيمية تتحرك تحت عنوان الفيدرالية التي كانت مستيقظة مع بدايات الحرب الأهلية اللبنانية في عام ١٩٧٥ وحين كانت الطروحات الإنعزالية يقظة وساعية الى عزل لبنان عن قضايا الأمة العربية والإسلامية وفي مقدمها قضية فلسطين . والإنعزال المشار إليه لا يعني الإنعزال عن العلاقة مع الأنظمة العربية التي كانت تدلل وتغنج القوى التقسيمية الى حد أن بشير الجميل حظي على ترشيح عربي رسمي مبطن من قبل المجتمعين في الرياض وخلال حصار بيروت ... ترشيح على رئاسة الجمهورية اللبنانية .

سيكمل الرئيس نجيب ميقاتي مسيرة الآلام المترتبة على وجود حسابات هجينة بعيدة عن البحث عن سلامة البناء الحكومي ، وقريبة من هواجس حدوث الفراغ الرئاسي الذي قد يعتبره البعض حتميا . ففي خريف العام المقبل لن يكون ( من المرجح ) بمقدور التيار الوطني الحر تأمين وصول رئيسه جبران باسيل الى قصر بعبدا . ما قد يخلق معضلة كبرى مستندة الى شعار ضرورة وصول الأقوى مسيحيا الى سدة الرئاسة الأولى ويولد فراغا رئاسيا يحول السلطة التنفيذية الى الحكومة ورئيسها ... ساعتئذ سيندم الجمع على تسهيل مهمة تشكيل حكومة نجيب ميقاتي المخضرم المستند الى قوة نسبية في تمثيله الطائفي والسياسي .

في تلك اللحظات الإفتراضية العصيبة قد يندم جبران باسيل على تسهيل ولادة حكومة نجيب ميقاتي ويدفعه ذلك الى القول الإفتراضي أيضا :

" ليتني أبقيتك يا حسان دياب ...

ليتني أبقيت حكومتك في تصريف الأعمال ... خير لنا من ان نكون تحت رحمة الميقاتي ".

أيمن حجازي