العدد 1409 / 15-4-2020

تستمر الساحة السياسية اللبنانية خاضعة لموجبات جائحة الكورونا العالمية كما هي أغلب ساحات العالم السياسية والإقتصادية والإجتماعية . في الوقت الذي مرت فيه الذكرى الخامسة والأربعين لإشتعال أوار الحرب اللبنانية في عام ١٩٧٥ بأقل قدر ممكن من التحسر على نتائج تلك الحرب ، بفعل طغيان التحسر والخشية من النتائج والمفاعيل المتوقعة لجائحة الكورونا على الوطن والأمة وعموم الكوكب الأرضي . وهذا ما جعل البلد يعيش الحد الأدنى من الفاعلية السياسية وبأقل قدر ممكن من الإحتدام الذي أدمنه الساسة اللبنانيون في أيامهم السالفة .

ولكن لوثة السجال السياسي لا تموت في النفوس ، ولا بد لها من التعبير عن نفسها بتغريدات مختصرة ومكثفة أو في تصريحات مقتضبة لا بد لها من الإنطلاق . فالسجال الكاسر ما بين الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري والنائب جميل السيد هو الذي خرق الهدوء السياسي في البلد ، ولكنه سجال لم يتطور ويستمر أو يجر إليه قوىً أخرى وقد توقف عند حدوده الشخصية بين الرجلين . أما إتهامية الزعيم الإشتراكي وليد جنبلاط لرئيس الحكومة الدكتور حسان دياب بأنه موظف عند ضابط أمني سابق ، فقد خرقت جدار الصوت ولم تراع هيبة الكورنا التي كان ينبغي لها أن تردع جموح سيد قصر المختارة وتهدأ من حدة مواقفه السياسية . وبالإنتقال الى الرئيس نبيه بري الذي اختار لنفسه ان يكون مدافعا عن أموال المودعين ، فإنه أعلن الإنتصار المزدوج على " الكت هير " وعلى " الكابيتول كونترول " الذين سقطا بالضربة القاضية وفق إعلان الرئيس بري نفسه . وقد انضم الرئيس سعد الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط الى حملة التضامن مع المودعين الذين يبدو ان الرئيس حسان دياب قد أصبح في صدد نهب أموالهم . وبعد أن تم الصفح عن نهب الأموال بمفعول رجعي لأكثر من ثلاثين عاما مضت ...

وينصرف الإنشغال الذهني للمواطن اللبناني بين البحث في مصير أمواله المتضائلة والمضمحلة ، وبين الإنشغال الصحي الداهم من جراء جائحة الكورنا . وقد تم إدخال البلد كله في إمتحان صعب وعسير من جراء خوض غمار إستحقاق عودة المغتربين اللبنانيين ، في ظل إقفال المطارات الدولية وتحت وطأة المخاطر الصحية المحيطة بسفر الأشخاص وتنقلاتهم المحفوفة بالمخاطر من جراء إحتمالية نقل العدوى ونشرها بين الأصحاء . وقد خضع ركاب الجولة الأولى من العائدين الى جملة إجراءات مكلفة ودقيقة ، لا يعلم الا الله مدى إمكانية الحفاظ عليها في ظل ما هو حاصل من تطورات في الداخل والخارج . علما أن عدد الواصلين الى أرض الوطن لم يتجاوز مستوى العشرة بالمئة من أعداد الطالبين للعودة . وخصوصا في ظل بداية إنتشار الوباء في القارة الإفريقية التي تضم عددا لا بأس به من المغتربين اللبنانيين .

لا موت للحياة السياسية اللبنانية بما هي من حقيقة صراعية قائمة مهما كانت مشقات الموت القادم أو الناتج عن الوباء الغادر . فغدر السياسة اللبنانية أشد وأقوى .

ايمن حجازي