العدد 1347 / 30-1-2019
أيمن حجازي

قبل أكثر من عامين وفي العاصمة الفرنسية باريس نضجت التسوية الرئاسية بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر, وتم الإتفاق على انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية بغية إنهاء الفراغ الرئاسي الذي إستمر لأكثر من عامين ( من ربيع ٢٠١٤ الى خريف ٢٠١٦ ) ، وذلك في مقابل إعادة الرئيس سعد الحريري الى سدة الرئاسة الثالثة . وقبل أقل من أسبوعين شهدت العاصمة الفرنسية عدة لقاءات معلنة وغير معلنة بين الرئيس الحريري ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل ، وكانت هذه اللقاءات على جانب كبير من الأهمية والجدية التي قد تقود الى ولادة الحكومة اللبنانية المفترضة والتي مضى أكثر من ثمانية أشهر على بدء العمل لتشكيلها إثر تكليف الرئيس الحريري برئاستها .

في لقاءات ٢٠١٦ التي مهدت لإنضاج التسوية الرئاسية لعب نادر الحريري دورا رئيسيا وبارزا ، أما في لقاءات الأسبوعين الأخيرين فلم يرد إسم ابن عمة الرئيس الحريري في عداد المساهمين في إنضاج الطبخة الحكومية التي قد تكون شهية بالنسبة للبعض وغير شهية بالنسبة للبعض الآخر . ولكن الأكيد هو أن دور نادر الحريري لم ينته في تاريخ الحريرية السياسية , وقد لا ينتهي في السياسة اللبنانية بعد أن أثبت جدارته المتكررة في اللعب السياسي التفاوضي المتقن خصوصا في الظل الظليل . وقد عودتنا السياسة اللبنانية وغير اللبنانية على فعالية العمل الدؤوب في الظل المشار اليه . ويتميز الظل الفرنسي على ما يبدو بنجاعته المميزة بكل ما له علاقة بلبنان الوطن الذي يحتاج على الدوام الى أم حنون رؤوم تضمد جراحاته وتكفكف دمعه وتساعد في حلحلة الأزمات والمشكلات والخلافات التي تقع بين أبنائه . وهذا ما يزيد من الجمال الباريسي الذي يستحوذ على إعجاب الكثير من الساسة والقادة اللبنانيين الذين يملك عددا منهم منازل ودور وفيلات فخمة في عاصمة العطور والأزياء والفنون التي يأتي من ضمنها فن السياسة والديبلوماسية والعلاقات المتشعبة .

... في الظاهر ، قد تكون لقاءات باريس الأخيرة أوجدت حلا لمعضلة تمثيل اللقاء النيابي التشاوري أو ما أطلق عليه بسنة الثامن من أذار ، وحلا موازيا لتوزيع بعض الحقائب بين الكتل النيابية العملاقة وغير العملاقة في البرلمان اللبناني العتيد . ولكن الاستراتيجية في السياسة المحلية اللبنانية و في العلاقة ما بين التيارين ( المستقبل والوطني الحر ) متعددة العناوين التي يمكن التقاط مفرداتها وفق الآتي :

- التوازنات داخل الحكم اللبناني في ظل استمرار التناقض " الكيميائي" والمصلحي العميق بين حركة أمل والتيار الوطني الحر .

- السياسة الخارجية والأمن الرسمي اللبناني في ظل استمرار التحالف بين حزب الله والتيار الوطني الحر و في موازاة ربط النزاع بين تيار المستقبل وحزب الله ... في ظل الإشادة المميزة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بمرونة الرئيس سعد الحريري .

- الإعتناء بالتوفيق ما بين حميمية العلاقة بين تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية وتوتر العلاقة وتماوجها بين التيار الوطني الحر وحزب القوات ...

البحث الضمني الدائم والمضمر في ملف الكيمياء التي يقال أنها تفرق بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري وقد تجمع بين الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل ، وما يمكن أن تبنى عليه من إفتراضات وإحتمالات مستقبلية هادرة وما يترتب عليها من حسابات آنية وغير آنية تطال اللحظة السياسية اللبنانية المزدحمة.

ثمة أسئلة نهائية تحتاج الى أجوبة وهي من مثل :

- هل يمكن للرعاية الفرنسية الرسمية أن تغيب عن علاقات الحريري - باسيل ؟

- هل يمكن لغياب نادر الحريري عن المشهد المستقبلي أن يكون دائماﹰ أو نهائيا , وهو الذي يقال أنه يستوطن باريس في هذه الآونة ؟

ايمن حجازي