العدد 1506 /30-3-2022

جميل مشهد الكتل النيابية المبعثرة وهي تجتمع في موقف مشهود ضد قانون الكابيتل كونترول الذي يطلبه صندوق النقد الدولي ، حيث تبارى النواب المرشحون في الإنتخابات النيابية المقبلة ( إن حصلت ) في الدفاع والمنافحة عن أموال المودعين التي تبخرت تحت وطأة الأزمات المتلاحقة منذ السابع عشر من تشرين الأول عام ٢٠١٩ . وكانت مبارايات تلفزيونية شيقة ازدحم فيها الغيارى على حقوق الجماهير الغفورة ، من النواب الشباب والكهول الذين رجموا شياطين المال والإقتصاد وأعلنوا حبهم وولاءهم لكل مودع ناخب ولكل ناخب مودع .

فعلى مسافة شهر ونصف من الزمن الذي يفصلنا عن موعد الإنتخابات النيابية المفترضة وجد أعضاء البرلمان اللبناني أنفسهم موحدين لا يفرقهم اي موقف حيث تكلم الجميع لغة جماهيرية شعبية تليق بأصوات الناخبين الذهبية التي يفترض ان يخبو لمعانها بعد الإنتخابات ما يجعلها في أحسن الأحوال نحاسية باهتة لا يعبأ بها الكثرة الكثيرة من نواب الوطن الأشم . في هذا الموسم نسيت الكتل النيابية المشاركة في الحكومة أن مشروع الكابيتل كونترول مقدم من هذه الحكومة الى المجلس النيابي الموقر . وصار الجميع ملتصق بمصلحةالناس ، رافعا الصوت في وجه الظلم اللاحق بهم ، رافضا لكل التحويلات والسحوبات المشبوهة التي تغطي عمليات تهريب الأموال اللبنانية الى البنوك الأجنبية . وقد لوحظ في هذا الإطار أن موقف حزب الله النيابي الذي عبر عنه الدكتور علي فياض كان لطيفا جدا مع هذا القانون مشترطا أمرا واحدا ألا وهو تضمين هذا القانون بندا يؤكد على الحفاظ على أموال المودعين ...

لقد كان حريا بالكتل النيابية المعترضة أن تقف في وجه الكابيتل كونترول على مائدة مجلس الوزراء ، وألا تنتظر الموضوع حتى يصل الى المجلس النيابي كي تدلي بدلوها الإعتراضي الساخط . ولذلك كان الشعور بكذب الكثير من النواب الذين أعترضوا في جلسة اللجان النيابية وبعدم صدق مواقفهم وعدم ملاءمتها لمواقفهم السابقة المنحازة لمصلحة أصحاب الرساميل الكبرى و أمبراطوريات المصارف النافذة والقوية في النظام الإقتصادي اللبناني . وهذا ما استفز رئيس الحكومة استفزازا كبيرا ، خصوصا في ظل التناغم الكبير بين كتلة التيار الوطني الحر وكتلة حزب القوات اللبنانية . ومن خلال اللهجة التصعيدية التي اعتمدها رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب ابراهيم كنعان ورئيس اللجنة النيابية المال النيابية النائب جورج عدوان اللذين عنفا الحكومة ووصل الأمر بعدوان الى التلويح بطرح الثقة بالحكومة .

فما كان من الرئيس نجيب ميقاتي الا ان رد الصاع صاعين من خلال مبادرته الى المطالبة بعقد جلسة مناقشة عامة تطرح فيها الثقة بالحكومة في خطوةاستباقية لتلويح عدوان المشار اليه . وقد كشف ميقاتي أن بعض من يشن الحملة على الحكومة ، يريد الإطاحة بالإنتخابات النيابية وهذا ما دفعه الى عدم الإستقالة إثر رفض جميع الكتل النيابية لمشروع الكابيتيل كونترول المقدم من قبل الحكومة حتى لا يحقق أماني هذا البعض الذي يريد شرا بتلك الإنتخابات .

ويبقى الحرج الأكبر أمام الدولة اللبنانية بمجملها في مواجهة صندوق النقد الدولي الذي يحجم عن مد يد العون الى لبنان قبل تحقيق مطالبه الإصلاحية التي جاء بعضها متضمنا لقانون الكابيتيل كونترول . ويترتب على كل ذلك عدم تشجيع الدول المانحة على مساعدة لبنان في أزمته في شقها الإقتصادي الحالي .

لقد انتفض الميقاتي ولم يسكت على ازدواجية المواقف التي اعتمدها معظم شركائه في الحكومة الحالية ، ووجه لبعضهم تهمة ضمنية بالتواطؤ ضد إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها المحدد . وكأنه يقول ان ملحمة الكابيتيل كونترول قد كشفت بعض المستور ليس إلا ...

أيمن حجازي