مهند عبد الله

يتزامن الحديث عن الفساد في لبنان مع حمى التحضيرات الانتخابات النيابية المقررة في شهر أيار القادم.
ويعتقد البعض ان التراشق السياسي القائم بين بعض الفرقاء السياسيين في الحكومة حول الفساد، وخصوصاً في ملف الكهرباء انما هو جزء من الدعاية الانتخابية لهذا الفريق أو ذاك.
ولكن حجم الحديث عن الفساد في ملف الكهرباء تحديداً يبدو أبعد من ذلك بكثير، وكشف ذلك وزير المالية علي حسن خليل في تعليقه على بيان «تكتل التغيير والاصلاح» الذي اتهمه بأنه «عرقل معمل دير عمار، وبالتالي زيادة إنتاج الكهرباء، وحرم اللبنانيين من خمس إلى ست ساعات يومياً كهرباء من مصادرها الأصلية»، فقال الوزير علي حسن خليل: «إنني نعم اعترفت بأنني رفضت مخالفة القانون وقرارات أعلى سلطة رقابية، ومنعت هدر 50 مليون دولار. نعم اعترف بأنني عطلت على البعض العمولات المنظورة وغير المنظورة».
وقبل هذا السجال المحتدم حول الفساد الكبير في ملف الكهرباء وصف النائب سليمان فرنجية صفقة بواخر الكهرباء المتعثرة التي يعمل عليها وزير الطاقة سيزار أبي خليل بأنها «سرقة العصر بسبب المبالغ الضخمة التي ستدفع في حال استئجار هذه البواخر».
واللافت في هذا السجال الناري حول السرقة والعمولات أنه يجري بين وزراء في الحكومة وقوى ممثلة في الحكومة التي تبحث في خفض مصاريف موازنة عام 2018 بنسبة 20٪ من أجل خفض العجز في الموازنة أولاً، ومن أجل توجيه رسالة الى المجتمع الدولي ثانياً قبل مؤتمر سيدر الذي سيعقد في شهر نيسان القادم بهدف مساعدة لبنان اقتصادياً عبر استثمارات دولية وإقليمية في مختلف المجالات.
وفي السياق نفسه، أي سياق الفساد في لبنان، فقد أُدرج لبنان في المرتبة 136 من ضمن 176 دولة على مؤشر «مدركات الفساد» لعام 2016، الصادر عن منظمة «الشفافية الدولية» متراجعاً 13 درجة عن عام 2015 بعد أن حل في الترتيب 123، وهذا يعني ان الفساد في لبنان كبير وكبير جداً ويزداد بوتيرة كبيرة، ويمكن ان يكون أكبر في عام 2017 من عام 2016، وهذا ما يؤكده السجال القائم بين وزير المالية ووزير الطاقة وغيرهما من الوزراء.
والسؤال الذي يطرح في ضوء هذه المعطيات عن حجم الفساد في لبنان هو: لماذا لا يتدخل القضاء في كشف المسؤولين عن الفساد في لبنان ومحاسبتهم؟ وكيف ستجري الانتخابات النيابية بـ«نزاهة» وشفافية إذا كان المسؤولون في الدولة متورطين بالفساد الى هذه الدرجة؟
قد يرى البعض ان مثل هذه الطروحات التي تتعلق بمحاسبة المسؤولين عن الفساد في مختلف إدارات الدولة انما هي طروحات خيالية أو غير قابلة للتطبيق بسبب الحماية السياسية للفاسدين. لكن في المقابل، هل يمكن الاستمرار في مسار الانحدار السياسي والاقتصادي إلى هذه المستويات من الفساد ومع ذلك تستمر الأمور وكأن شيئاً لم يكن؟
كيف يمكن لبنان ان ينهض اقتصادياً مع هذه الطبقة السياسية الفاسدة وخدمة الدين العام في موازنة عام 2018 وصلت إلى 8448 مليار ليرة، أي أنها تشكل 33٪ من الموازنة، وهذا مع العلم ان لبنان دفع فوائد على دينه العام منذ كانون الثاني 1998 وحتى تشرين الأول 2017 ما يقارب 66 مليار دولار بحسب الأرقام الصادرة عن وزارة المالية، وان حجم الدين العام أصبح أكثر من 80 مليار دولار.
باختصار، على اللبنانيين ان يقرروا في الانتخابات النيابية القادمة ما إذا كانوا يريدون إعادة انتخاب الطبقة السياسية الفاسدة التي أوصلت لبنان إلى هذا الدرك من الفساد أو يريدون التغيير من أجل النهوض مجدداً بلبنان! 
سؤال برسم اللبنانيين.