العدد 1386 / 13-11-2019

العقم هو العنوان الأبرز للوضع السياسي الحالي على الساحة اللبنانية ، حيث الحراك الشعبي يكاد يتم شهره الأول وحيث إستقالة الرئيس سعد الحريري دخلت في أسبوعها الثالث . وقد سجل خرق كبير للأعراف الدستورية بفعل غياب الإستشارات النيابية الملزمة التي كانت عادة ما تتم الدعوة اليها إثر قبول إستقالة رئيس الحكومة . وبدلا من أن تتم هذه الإستشارات كي يكلف أحدهم بتشكيل الحكومة ، فقد جرى تأخير هذه الإستشارات الى حين الإتفاق على مواصفات الرئيس والحكومة المطلوب تشكيلها . ما جعل التأليف يسبق التكليف في سابقة لم تحدث من قبل إلا في حالات ضيقة كان الإتفاق على تشكلية الحكومة يتم ولكن دون التأخر في إجراء الإستشارات النيابية .

وثمة من يقول أن هذا التأخر في إجراء الإستشارات النيابية الملزمة غير مبرر ، حتى في ميزان الحائزين على الأكثرية النيابية التي تخولهم فرض الكثير من مواصفات الحكومة المطلوبة على رئيسها من خلال إمتلاك ناصية منح الثقة أو حجبها . وبالتالي فإن الأكثرية النيابية ليست في حالة ضعف من الناحية الدستورية والقانونية تدفعها الى تأجيل الإستشارات النيابية الملزمة وخرق عرف دستوري وإن كان لا يرقى الى مستوى النص الدستوري . وكان العقم المشار إليه قد تمظهر من خلال الخلاف على تكوين الحكومة المنوي تشكليها ، حيث الرئيس الحريري وحليفيه وليد جنبلاط وسمير جعجع قد تمكنوا من تسخير الخيار الشعبي والثورة الميمونة من أجل فرض حكومة تكنوقراط يتم التخلص فيها من جبران باسيل الذي بات محط استفزاز لدى قوى سياسية عديدة . أما وزراء حزب الله فإن التخلص منهم أمر يروق لجهات دولية غربية ولا يبدو أن وليد جنبلاط متحمس لهذا الخيار ، أن تبين أن زعيم المختارة لم يعد يطيق الوزير باسيل وقد بدأ بتحريك الشارع ضده حتى من قبل إندلاع الحراك الشعبي , في حين تسعى قوى معسكر الثامن من أذار الى حكومة تكنو - سياسية لا يترك الحريري فيها ليصول ويجول منفردا . ويتميز في هذا السياق رئيس المجلس النيابي نبيه بري ليصر على ترئيس سعد الحريري للحكومة القادمة وهو يبذل له" لبن العصفور " حسب تعبير رئيس المجلس النيابي.

ويبدو أن الرئيس الحريري مطوق بسلسلة مواقف محلية وخليجية وقد تكون أوروبية وغربية ، للحؤول دون قبوله بحكومة مختلطة تضم سياسيين وإختصاصيين . في حين أن الفريق الآخر قد يرى أن حكومة التكنوقراط الخالصة قد تؤدي الى إختلال موازين القوى وفقدان الأكثرية النيابية لحجمها الفعلي.

هل من مخرج ؟ وهل من ساحر يخرج الأرنب السياسي من كمه الواسع ؟ وهل من تسوية ما تلوح في الأفق في ظل غياب أي قدرة لأطراف خارجية في التدخل لإنهاء الأزمة ؟ أم أنه العقم الذي يحول دون ولادة أي من الحلول المرجوة لهذا الوطن المنكوب بساسته الذين أطلق عليهم أحد الموفدين الأجانب الذي زار لبنان مستطلعا مع بدايات الحرب اللبنانية عام ١٩٧٦ ... أبالسة السياسة اللبنانية...

ايمن حجازي