أيمن حجازي

اعتلى وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق المنبر واتهم وزير الخارجية جبران باسيل وفريقه السياسي باﻻعتداء على رئاسة الحكومة وما تمثل، من جراء لقاء باسيل مع وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم في نيويورك... أما رئيس المجلس النيابي نبيه بري، فقد اتهم المجلس الدستوري باﻻعتداء على صلاحيات المجلس النيابي الذي يمتلك حق التشريع في الموضوع الضريبي وفي غيره من الموضوعات، وقد قيد الرئيس بري هذا اﻻتهام ضد مجهول. في هذه اﻷثناء تضامن وزير الإعلام ملحم الرياشي ممثلاً حزب القوات اللبنانية مع الوزير نهاد المشنوق وتيار المستقبل في اﻻعتراض على إجراء اتصالات سياسية مع الحكومة السورية، وذلك في موازاة تضامن النائب نواف الموسوي ممثلاً «حزب الله» مع الرئيس بري دفاعاً عن المجلس النيابي وحقه في التشريع.
إذاً انكشف الميدان السياسي اللبناني عن اعتداءات بالجملة ضد الرئاستين الثانية والثالثة من قبل جهات سياسية ينبغي تحديد هويتها في القريب العاجل من غير تحديد لاتجاهات هذين اﻻعتداءين، هل هما متقابلان أم متوازيان؟ أو باﻷحرى هل هذان اﻻعتداءان قد ولد أحدهما اﻵخر؟ وإذا أردنا أن نتوقف عند الترجمة السياسية للعدوان الذي تحدث عنه الوزير المشنوق، فإننا أمام حالة تهدد التفاهم الذي قام منذ أكثر من سنة بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر حول إنهاء الشغور الرئاسي وحول تأجيل الكثير من نقاط الخلاف السياسي أو تجميدها، وفي مقدمة هذه النقاط العلاقة مع سوريا موطن الخلاف الحالي الذي أثاره لقاء المعلم -  باسيل في اﻷمم المتحدة. فهل بتنا في لحظة سياسية أصبح فيها التفاهم بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر مهدداً؟
بالطبع ﻻ، ولكن تسجيل المواقف الحاصل بين المشنوق وباسيل يهدف الى حماية الممتلكات وارسال اشارات سلبية الى شركاء التفاهم بضرورة الحفاظ على قواعده. وهذا ما يتأكد من خلال رصد حركة الرئيس سعد الحريري التي لم تتأثر بلقاء المعلم - باسيل، والتي بقيت حركة فاعلة وناشطة في معالجة القضايا الحكومية وفي مقدمها معالجة تداعيات قرار المجلس الدستوري القاضي بإبطال الضرائب التي فرضها المجلس النيابي على شرف سلسلة الرتب والرواتب.
وفي اﻻنتقال الى اﻻعتداء اﻵخر الذي أثاره الرئيس نبيه بري وسجله ضد مجهول يقف خلف المجلس الدستوري، فإنه في عمقه استمرار للكيمياء المفقودة بين الرئيسين نبيه بري وميشال عون، أو للمصالح المتضاربة بين الرجلين، رغم وصف الرئيس بري لعلاقته بالرئيس عون بالممتازة. وفي رواية أخرى يبالغ البعض فيقول ان اقتراح الرئيس بري بتقديم موعد اﻻنتخابات النيابية الى الخريف الحالي، وحديثه عن اﻻعتداء على المجلس النيابي هو هجوم مقنع على تحالف ضمني في اﻻنتخابات النيابية القادمة لم يُعلَن بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر وآخرين.
واستناداً الى ما تقدم، إن أي توتر سياسي حالي يمثل استمراراً للخلافات والتباينات والتوجسات السياسية التي ولدت منذ ما قبل اﻻنتخابات الرئاسية التي قادت العماد عون الى قصر بعبدا، وﻻ مجال  للتحرر من وطأتها في المرحلة المقبلة، ﻻ بل ان اﻻنتخابات النيابية المفترض اجراؤها في الربيع المقبل ينبغي أن تزيدها كمّاً ونوعاً.>