أيمن حجازي

تصاعدت حدة التوتر السياسي بين اﻷطراف السياسية الكبرى في البلد على خلفية عدم التوصل الى قانون انتخابي جديد يحل محل القانون النافذ المسمى قانون الستين أو قانون الدوحة. وقد وقع هذا التوتر إثر دعوة هيئة مكتب المجلس النيابي الى انعقاد جلسة نيابية لإقرار التمديد للمجلس النيابي سنة واحدة بغية تلافي الفراغ النيابي المفترض حدوثه بعد العشرين من حزيران المقبل تاريخ انتهاء وﻻية المجلس النيابي الحالي، وقبل حلول الخامس عشر من أيار المقبل تاريخ انتهاء صلاحية البرلمان اللبناني على التشريع واصدار القوانين. حيث يفصلنا عن ذلك التاريخ شهر واحد كفيل بمعالجة اﻻحتمال المرجح برد قانون التمديد من قبل رئيس الجمهورية والعودة الى دراسة هذا القانون من قبل المجلس النيابي واقراره من جديد حيث يصبح نافذاً أو مماشاة رغبة الرئاسة اﻷولى والتخلي عن ذلك القانون.
وقد قوبلت تلك الدعوة الى الجلسة النيابية باستنفار سياسي وشعبي شامل من قبل حزب القوات اللبنانية و«التيار الوطني الحر» وحزب الكتائب حيث استعيدت أجواء اﻻحتدام السياسي والشارعي وفق اعتبارات طائفية بحتة ذكرت بمناخات ما قبل الحرب اﻷهلية اللبنانية بفعل اﻻستقطاب الإسلامي - المسيحي بشكل عام، واﻻستقطاب الشيعي - الماروني بشكل خاص.
ومما أضفى مزيداً من الحدة الطائفية على التحرك المضاد للجلسة التشريعية التمديدية مسارعة «التيار الوطني الحر» وحزب القوات اللبنانية الى اﻻلتحاف بعباءة البطريركية المارونية من خلال زيارة وفد من التيار لبكركي صبيحة اﻷربعاء الماضي باﻻضافة الى اﻻتصال الهاتفي الذي أجراه سمير جعجع بالبطريرك الماروني بشارة الراعي. وقد تحول منبر بكركي الى منصة للرد على رئيس المجلس النيابي نبيه بري وطروحاته وعلى الذين يدعمون خيار التمديد المشار اليه أو يتفهمونه. وهذا ما قام به أمين سر تكتل التغيير والاصلاح النائب إبراهيم كنعان عندما رد على وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي اعتبر أن منع الفراغ يتقدم على الميثاقية. وقد تدحرجت اﻷمور الى حد الدعوة الى النزول الى الشارع بغية منع النواب من الوصول الى ساحة النجمة لتأمين نصاب الجلسة التشريعية التمديدية، التي أعلن «التيار الوطني الحر» وحزب القوات اللبنانية مقاطعتهما لها.. وقد واكب رئيس الجمهورية هذا التصعيد السياسي والشارعي بإطلاق موقف ناري يقول بأن التمديد للمجلس النيابي يعني الحرب على لبنان. وهذا ما أعاد اﻷجواء السلبية بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري الى التحرك بعصف أكبر من العصف الذي وصل إليه قبيل اﻻنتخابات الرئاسية اﻷخيرة، ودفعت بالحليف المشترك للتيار الوطني الحر وحركة أمل ممثلاً بحزب الله إلى اﻻنهماك في عمليات التوفيق بين الحلفاء تلافياً للنتائج السلبية لهذا الخلاف الكبير على معسكر الثامن من آذار أو ما بقي منه.
في ضوء كل ذلك جرى التثبت من وﻻدة حقيقية للثنائي الماروني الموعود على الرغم من عدم موازاته للثنائي الشيعي القائم الذي يتسم بالتوازن في ميزان القوى خلافاً لما هو حاصل مع الثنائي الماروني المتفاوت في قوته على أكثر من صعيد.
في هذا الخضم ينبغي السؤال عن مواقف أطراف سياسية أخرى مثل تيار المستقبل والحزب التقدمي اﻻشتراكي وتيار المردة و... و... ولكن هذا ﻻ ينفي أن الصفيح السياسي الساخن يمكن أن يختصر باﻷحرف الملتهبة لاسمي الرئيسين ميشال عون ونبيه بري... أصلحهما الله.