أيمن حجازي

أطل الزعيم تيمور وليد جنبلاط من وزارة المهجرين على الساحة السياسية اللبنانية حاملاً مفاتيح إحدى كنائس بريح  ليسلمها مع وزيرة المهجرين أليس شبطيني إلى المطران كيوان. حصل ذلك بعد يوم واحد من زيارة قام بها النائب وليد جنبلاط لبكركي والتقى فيها البطريرك الماروني بشارة الراعي تحت عنوان الذكرى السنوية لمصالحة الجبل التي جرت قبل نحو خمسة عشر عاماً بين البطريرك الماروني السابق نصر الله صفير والنائب جنبلاط. ما يوحي أن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي يولي العلاقة مع المسيحيين عموماً والموارنة خصوصاً أهمية بالغة في هذه المرحلة على وجه التحديد. 
وقد جدد جنبلاط في بكركي موقفه السابق غير المعترض على انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية تحت عنوان أن سد الفراغ الرئاسي، وانجاز تسوية على هذا الصعيد أهم من تحديد اسم الرئيس، وفي رسالة ايجابية موجهة إلى العماد ميشال عون و«التيار الوطني الحر» وإلى «القوات اللبنانية» المرتبطة بعون من خلال «تفاهم معراب» الذي أعلن في الشهر الأول من العام الحالي. وبذلك يستكمل جنبلاط خطواته الايجابية نحو قطاع واسع من المسيحيين عبر مؤسستهم الكنسية، ومن طريق الغزل مع التحالف العوني - القواتي. وقد يتساءل البعض عن سر هذه الاندفاعة الجنبلاطية في هذه المرحلة الأكثر حساسية من تاريخ لبنان والمنطقة.
يدرك سيد قصر المختارة أن معظم الصراعات التي اتخذت طابعاً طائفياً في القرون الثلاثة الأخيرة كانت تتم على ساحة الجبل اللبناني الذي يضم مكونين رئيسيين، أحدهما ماروني والآخر درزي, وأن التدخلات الأجنبية التي كانت تحصل في جبل لبنان تعمد إلى استغلال هذا الاضطراب الطائفي أيما استغلال. ويطمح جنبلاط في تطلعاته الآنية إلى أكثر من تجنب أخطاء الماضي وصولاً إلى تأمين أكبر قدر ممكن من الفاعلية السياسية على الساحة اللبنانية للجانب الدرزي وللفريق السياسي الذي يتزعمه (الحزب التقدمي الاشتراكي). يعمد جنبلاط إلى هذه الخطوات وهو يدرك أن فراغاً اقليمياً قد حصل في رعاية الوضع اللبناني منذ أن أشتعلت الأزمة السورية, و أن الدورين الإيراني والسعودي لم يتمكنا من الحلول محل الدور السوري في لبنان. وأن الاحتدام المذهبي السنّي - الشيعي (المؤسف) في المنطقة ومن ثم في لبنان قد عطل من الفعالية السياسية  الإسلامية  على المستوى المحلي, وهو احتدام بالكاد ينجح أطرافه المحليون في الحؤول دون انتقال الحريق الهائل المشتعل في المنطقة إلى الداخل اللبناني. وهذه كلها معطيات تدفع وليد جنبلاط نحو لعب دور لبناني خالص منفتح على كل الأطياف اللبنانية المزدحمة... وقد يصح القول إن علاقات الرجل مع الرئيس نبيه بري ذهبية, وأن علاقاته مع تيار المستقبل فضية, وأن علاقاته مع الجانب المسيحي بكل شرائحة برونزية ينبغي تطويرها والسير بها إلى الأمام، وهذا ما يقوم به حالياً وليد جنبلاط ونجله الزعيم تيمور الذي يتدرج في تسلم زمام المبادرة في القيادة الحزبية وفي الزعامة العائلية على حد سواء. أما تصنيف علاقة جنبلاط مع حزب الله وحزب الكتائب وتيار المردة وآخرين فلنتركها إلى مناسبة أخرى... علماً أنها علاقات تتحرك في الفضاء الإيجابي من حيث المبدأ.