أيمن حجازي

من حسنات الصوت التفضيلي الوارد في القانون اﻻنتخابي الجديد أنه يساهم في اظهار أحجام القوى السياسية بشكل أكثر واقعية بعيداً عن التحالفات التي كانت تستر العيوب وتحجب نقاط الضعف التي تعتري الكثير من القوى التي تستخدمها قوى انتخابية كبرى.
وقد حاولت بعض القوى السياسية خلال اﻻعداد للقانون الجديد توسيع دائرة الصوت التفضيلي وجعله «صوتين» في كل دائرة من الدوائر، إﻻ أن هذا اﻷمر لم يحصل، ورست اﻷمور على صوت تفضيلي واحد في كل قضاء من الأقضية التي تتشكل منها الدوائر اﻻنتخابية. ولكن الدخول في عمليات تشريح الدوائر يظهر أن تكوين بعض الدوائر اﻻنتخابية من أكثر من قضاء يمنح القوى السياسية والكتل اﻻنتخابية المنتشرة في كل دائرة من الدوائر مزيداً من اﻷصوات التفضيلية. وهاكم بعض اﻷمثلة:
- في دوائر بيروت اﻷولى، بيروت الثانية، بعبدا، المتن الشمالي، البقاع الغربي، زحلة، بعلبك - الهرمل وعكار لن تحظى القوى السياسية في هذه الدوائر إﻻ على صوت تفضيلي واحد في كل دائرة، وذلك بسبب تكون هذه الدوائر من قضاء واحد، أو من محافظة واحدة، ما قد يؤدي الى تقييد حركة القوى السياسية الفاعلة.
- في دوائر الشوف - عاليه، كسروان - جبيل، صور - الزهراني وصيدا - جزين ستحظى القوى السياسية بصوتين تفضيليين بسبب تكون كل دائرة من هذه الدوائر من قضاءين اثنين.
- في دائرتي النبطية - بنت جبيل - حاصبيا - مرجعيون وطرابلس - المنية - الضنية ستحظى القوى السياسية بثلاثة أصوات تفضيلية. 
- وتبقى الدائرة اﻷكثر قدرة على امتلاك أصوات تفضيلية لقواها السياسية الناخبة، هي دائرة الكورة - البترون - بشري - زغرتا حيث تصبح هذه القوى قادرة على امتلاك أربعة أصوات تفضيلية في دائرة تمتلك عشرة مقاعد نيابية، وهذا ما يسهل العملية اﻻنتخابية بالنسبة إلى القوى المنتشرة في هذه الدائرة، وذلك في مقابل بروز مصاعب كبيرة للقوى السياسية الناخبة في الدوائر التي ﻻ يوجد فيها إﻻ صوت تفضيلي واحد، ما قد يدفع القوى الكبرى إلى التواضع والموضوعية بغية الحد من الخسائر المفترضة التي ألحقها الصوت التفضيلي بحسابات هذه القوى. وهذا ما قد نجده جلياً في دائرة انتخابية نموذجية تضم قوى أساسية مثل تيار المستقبل والتيار الوطني الحر والجماعة الإسلامية والحزب السوري القومي اﻻجتماعي والقوات اللبنانية والحزب الشيوعي اللبناني والنائب السابق عصام فارس... ما قد يدفع الجميع إلى اﻻكتفاء بمرشح واحد في دائرة تمتلك سبعة مقاعد نيابية، وﻻ يمكن قواها السياسية الناخبة إﻻ اللجوء إلى صوت تفضيلي واحد قد يقود توزيعه على أكثر من مرشح الى خسارة كل شيء في هذه الدائرة. وهذا ما أدركته النائبة بهية الحريري في دائرة صيدا - جزين ودفعها إلى اﻻمتناع عن ترشيح الرئيس فؤاد السنيورة عن المقعد النيابي الصيداوي اﻵخر، ﻷن من شأن هذا الترشيح أن يوزع اﻷصوات التفضيلية لقاعدة تيار المستقبل اﻻنتخابية في هذه الدائرة ويهدد حصولها على المقعد النيابي الذي احتلته منذ خريف 1992.
 ونستنتج من هذه الجولة السريعة على الدوائر اﻻنتخابية الخمس عشرة وعلى أصواتها التفضيلية، أن هناك تفاوتاً في حجم الصوت التفضيلي بين الدوائر اﻻنتخابية، ما يمنح فرصاً انتخابية لمرشحين ويحجبها عن آخرين.
في النهاية، لن أُفاجأ إذا توافقت القوى السياسية الكبرى في البلد على نسف انتخابات السادس من أيار بعد التثبت من أن هذا الصوت التفضيلي بات لعنة على بعض صانعيه.