العدد 1414 / 20-5-2020

ثمة سؤال يراود البعض المراقب في لبنان حول رغبة الرئيس سعد الحريري أو غيره من رؤساء الحكومات المفترضين في التواجد داخل السراي الكبير هذه الأيام وفي ظل هذا الكم الهائل من المصاعب التي كبرت منذ الخريف الفائت . فالوضع الإقتصادي والإجتماعي والمالي يتدهور منذ إندلاع إنتفاضة السابع عشر من تشرين الأول الماضي ، والمصائب تتوالد وصولا الى جائحة الكورونا التي عصفت بالكوكب الأرضي وأعاقت مسارات عديدة من مسارات البشرية الحديثة أو عدلت في هذه المسارات .

وكان من الطبيعي أمام هول الوباء الكوروني ان يُفسح في المجال أمام الحكومة اللبنانية الحالية كي تأخذ فرصتها في معالجة الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية والمالية المتردية ، وأن يُفسح لها في المجال للتصدي للمتطلبات المختلفة لجائحة الكورونا . وقد تبين أنه من المهم والمهم جدا أن يتولى زمام وزارة الصحة ( على سبيل المثال لا الحصر)في هذه المرحلة الدقيقة الحزب الأكثر شعبية والأكثر قدرة على مستوى إمتلاك المؤسسات . وذلك بغية تفادي الجدل الذي يمكن أن يثور تحت عنوان التمييز بين المواطنين وفق إعتبارات طائفية أو مناطقية . وهذا ما يجعل تولي رئاسة الحكومة في هذه المرحلة رحلة غير مفروشة بالورود والرياحيين ، لا بل إنها محفوفة بالمخاطر . وهي رئاسة لا يحسد عليها أحد من السياسيين أو التكنوقراط على الإطلاق . وقد بات من المنطقي إعتبار أن المراقبة والتفرج على الوقائع والمجريات السياسية هو الأفضل في هذه المرحلة . في الوقت الذي يعتبر البعض ان الرئيس الحريري يتجنب توجيه إنتقادات الى الحكومة الحالية ، وأنه يكتفي بالرد على التحرشات السياسية والإعلامية التي يقوم بها رئيس الحكومة او بعض فريق عمله ... وتظهر تلك التحرشات المشار إليها على شكل تعليق مصائب ومصاعب الحاضر كله على مشجب المرحلة الحريرية التي تبدأ من عام 1992 . ويعتبر الرئيس الحريري أن رده على تلك التحرشات ليس دفاعا عن دوره السياسي الشخصي ، بل هو دفاع عن الإرث السياسي للرئيس الراحل رفيق الحريري.

إذا لا مماحكات سياسية حادة في هذه الآونة حيث الوباء جائح في كل المعمورة ، وحيث معضلة الدولار تعصف بالقدرة الشرائية للمواطن اللبناني وتهبط بمستواه المعيشي الى الحضيض وإلى ما دون الحضيض في حال إستمر التصاعد الجنوني في سعر صرف الدولار الأميركي الذي وصل الى حدود الخمسة آلاف ليرة لبنانية قبل عشرة أيام . وقد تساءل البعض عن فعالية الإجراءات القضائية المتخذة بحق الصرافين وبحق بعض المسؤولين الصغار في مصرف لبنان ، وهل لعبت هذه الإجراءات دورا ما في إنزال سعر صرف الدولار في الأيام الأخيرة الى مادون الأربعة آلاف ليرة لبنانية . إن الحقيقة السياسية الحالية أكبر من مصائر الرؤساء والسياسيين العريقين او المستجدين على الساحة السياسية ، وهي حقيقة متعلقة بالحياة الصحية والمصالح المعيشية لبني البشر اللبنانيين . كما أنها حقيقة ستترك آثارها البالغة على مجمل النظام الإقتصادي والإجتماعي والإداري في لبنان .

ويبقى الرئيس حسان دياب واحد من السياسيين التكنوقراط الذين وفدوا على الحياة السياسية اللبنانية تحت وطأة الحراك الشعبي المنطلق منذ 17 تشرين الأول الماضي ، وهو مرشح لأن يترك بصمة سياسية ما في حال نجاحه في إيجاد بعض المخارج الملائمة للوضع الإقتصادي والإجتماعي والمالي الذي يعصف بالبلد . كل ذلك في مقابل حالة اللاحرب واللاسلم التي أعلنها رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط من قصر بعبدا قبل أسبوعين ، عندما أعلن عدم وجود رغبة لديه للعمل على إسقاط الحكومة الحالية . وقد سار على سنته الرئيس سعد الحريري الملتزم جانب رد التحرشات السياسية بالحريرية السياسية وحسب .

ايمن حجازي