أيمن حجازي

افترق الجميع بهدوء بعيداً عن الصخب، اﻻ وليد جنبلاط وسعد الحريري اللذين التقيا متحالفين في دوائر انتخابية عديدة، لكنهما ختما مشوارهما التحالفي المميز بخلاف لم يخلُ من الصخب في دائرة البقاع الغربي، حيث أصر تيار المستقبل على استبدال المرشح اﻷرثوذكسي المحسوب على النائب وليد جنبلاط انطوان سعد بالمرشح غسان السكاف. وهذا ما أدى الى تغريدة غاضبة من جنبلاط لم يوفر فيها رئيس الجمهورية ميشال عون، موسعاً اطار المشكلة القائمة في هذه الدائرة الى أكبر من حجمها الطبيعي. وقد استحضر جنبلاط عنصر المؤامرة التي رجح استهدافها لرئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي أسبغ عليه نعوتاً تحالفية جميلة، وموجها سهامه الى العهد «برئيسيه ميشال عون وسعد الدين الحريري». وهذا مصطلح جديد لم يسبقه أحد عليه وهو أن يعتبر أن للعهد رئيسين... وقد وسع جنبلاط الخرق وفتح مبكراً معركة رئاسة المجلس النيابي عندما اتهم التيار الوطني الحر بالعمل على الحؤول دون استمرار الرئيس بري في سدة الرئاسة الثانية. صحيح أن جنبلاط قد مرر حفل إعلان ﻻئحة البقاع الغربي التحالفية مع تيار المستقبل، اﻻ أن الجمر الجنبلاطي بقي تحت رماد الحاجة الى تمرير اﻻنتخابات دون تفسخات طارئة تعود بالضرر على الحزب التقدمي اﻻشتراكي وتيار المستقبل على حد سواء. كذلك لم يحل هذا الخلاف الطارئ دون مشاركة النائب وليد جنبلاط في مراسم حفل تدشين جادة الملك سلمان بن عبد العزيز التي أريد لها أن تكون اعلاناً رسمياً للقوة الكبرى التى ما زالت تتمتع بها المملكة العربية السعودية على الساحة اللبنانية، وذلك من خلال الحشد السياسي الكبير المشارك في هذا الحفل، حيث حضر الرئيس الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس الحزب التقدمي اﻻشتراكي وليد جنبلاط وعدد كبير من النواب والوزراء والمرشحين، فضلاً عن الرئيسين السابقين ميشال سليمان وفؤاد السنيورة. وفي الوجوه اﻷخرى المتوخاة من المشاركة في هذا اﻻفتتاح يسجل اﻵتي: 
- تأكيد الرئيس سعد الحريري قدرته على حشد التأييد الواسع لسياسة المملكة السعودية في لبنان.
- تأكيد النائب وليد جنبلاط تبديد اﻷجواء السلبية التي خيمت أخيراً على علاقات الحزب التقدمي اﻻشتراكي بالمملكة السعودية. 
اغتنام رئيس حزب القوات اللبنانية الفرصة للقاء الرئيس سعد الحريري تحت الرعاية السعودية المباشرة.
في أوائل نيسان الكاذبة ﻻ مجال لإحياء ذكرى الرابع عشر من آذار وفق ما يتمنى السعوديون الذين جمعوا قبل أيام قليلة على هامش افتتاح جادة الملك سلمان بين سعد الحريري وسمير جعجع ووليد جنبلاط، ﻷن أقلام التفاهمات والتحالفات قد رفعت وجفت صحفها وباتت اﻷمور منتهية في كل ما يتصل باﻻنتخابات. وﻻ ينبغي اﻻ النظر بواقعية الى اﻷمور التي تسير بغير ما تشتهي السفن التي اعتادت أن تمخر المياه اﻻقيليمة اللبنانية بسهولة ويسر. وفي أوائل نيسان الكاذبة أيضاً لن يكون بمقدور وليد جنبلاط أن يشعل الجبهات الكامنة بين الرئاسات الثلاث إن هو تحسر على مقعد نيابي من هنا أو مقعد نيابي من هناك. صحيح أن الرئيس نبيه بري مستعد ﻷن يلبي نداء اﻻستغاثة الصادر عن وليد جنبلاط، ولكن سيد المجلس لم يتعود ان ينجرَّ الى معركة غير محسوبة اﻻ بحساب ردود الفعل. وخلاصة القول، أن ليس للخلاف الجنبلاطي- الحريري في دائرة البقاع الغربي اﻻ أن يكون منضبطاً ومضبوطاً مهما علت الصيحات والتغريدات الصاخبة... فالعلاقات بين الجانبين «بتطلع وبتنزل» وفق تصريح الرئيس الحريري الذي أدلى به من على درج بكركي.