العدد 1382 / 16-10-2019
أيمن حجازي

تستمر التطورات السياسية اللبنانية الشيقة في النمو والتحرك ، وتعود العلاقات السياسية المحلية الى الإنفتاق والتمزق على وقع الحدث الإقليمي القادم من شمال شرقي سوريا . وتشعل كلمة جبران باسيل في الجامعة العربية سجالا سياسيا ساخنا يلتهب أكثر وأكثر إثر خطابه في الثالث عشر من تشرين الأول الحالي في منطقة الحدث . حيث كرر وزير الخارجية إعلان نيته " الصعود " الى سوريا من أجل إعادة النازحين السوريين الى بلادهم .

وقد سجل في هذا السياق ، الى جانب البعد الإيجابي تجاه سوريا ، رغبة باسيلية واضحة في الإحتفاظ بأجواء التنافر السلبي التاريخي مع الدور السوري في لبنان من خلال الإقتران الذي صيغ في تلك الكلمة بين إعادة النازحين السوريين الى بلادهم وبين إعادة الجيش السوري الى بلاده منذ أكثر من أربعة عشر عاما . وفي ذلك الإقتران يكمن الحرص الباسيلي على توظيف ما تبقى من عداء داخل الساحة المسيحية اللبنانية للسوريين في توسيع القاعدة الشعبية للتيار الوطني الحر ، أو رفع الحرج الشعبي المسيحي عن ذلك التيار من العلاقة الإيجابية القائمة مع دمشق في مثل ذكرى ١٣ تشرين الأول التي أدت الى إخراج ميشال عون من قصر بعبدا وسقوط عدد غير قليل من العسكريين اللبنانيين في تلك العملية العسكرية التي وقعت في ١٣ تشرين الأول ١٩٩٠ . وقد أضاف باسيل في تلك الكلمة الى رغبته في " الصعود " ، تهديدات شتى بقلب الطاولة ضد قوى سياسية لبنانية أخرى لم يمضي على التصالح مع بعضها سوى بضعة أسابيع وذلك خلال لقاءات مشهودة في بعبدا وبيت الدين واللقلوق . وقد استندت هذه التهديدات الصادرة عن باسيل الى جملة إستهدافات يعتبر العنيون أنهم قد تعرضوا لها وما زال يتعرض لها عهد الرئيس عون والتيار الوطني الحر ووزرائه الذين يحتلون ثلث مقاعد الحكومة الحالية . وذلك خلال الأشهر القليلة حيث شعر بوطأتها العونيون مؤخرا من خلال أزمة الدولار والمحروقات والأفران والصيارفة التي وجد فيها أنصار العهد محاولات دؤوبة لإحراج الرئيس عون وتياره السياسي .

وقد جاء الرد السياسي متفاوتا على تلك التهديدات الباسيلية ، حيث برز لونان إثنان من الردود . كان أولهما رد رئيس الحكومة عبر بيانات أو تغريدات سياسية مقتضبة كانت على الشكل التالي :

تنصل من الموقف الذي أعلنه جبران باسيل في الجامعة العربية الداعي الى عودة سوريا اليها ، والتأكيد على الإعتراف ببيان وزارة الخارجية اللبنانية ردا على العملية العسكرية التركية شمال شرق سوريا .

الإشارة الى أن اغتيال الرئيس رفيق الحريري هو الذي أدى الى خروج الجيش السوري من لبنان ، في سياق الرد على أن باسيل يريد أن يذهب الى سوريا من أجل إعادة النازحين السوريين كما تمت إعادة الجيش السوري الى بلاده في أذار من عام ٢٠٠٥ .

منح وزير الخارجية حرية التوجه الى دمشق وعلى مسؤوليته ...وبالتالي تحمل النتائج المتعلقة بإعادة النازحين الى بلادهم .

أما اللون الآخر من الردود فقد تولاه الحزب التقدمي الإشتراكي الذي سيّر مسيرة شعبية تعترض على ما يمكن اعتباره جموحا باسيليا لم يعد يطاق ويحتمل . وأطلق العديد من المواقف السياسية الساخنة ، وذلك في موضوع السياسة الخارجية والموقف من عودة سورية الى الجامعة العربية ، وفي موضوع السياسة المحلية المفعمة بتهديدات قلب الطاولة وما الى ذلك .

ثمة أسئلة طرحت مؤخرا حول معنى قلب الطاولة وجدية تلك العملية وإمكانية تحقيقها في ظل ميزان القوى الحالي القائم على الساحة اللبنانية . وحيث يهمس البعض ( المطلع على حسابات التيار الوطني الحر ) بأن الرئيس نبيه بري هو الذي يتحمل مسؤولية الجموح الموازي في مواقف الحزب التقدمي الإشتراكي ... فرئيس المجلس النيابي وفق أولئك الهامسين يمنح وليد جنبلاط وسائد الراحة التي تمكنه من النيل الدائم من رئاسة الجمهورية والتيار الوطني الحر ...

هل من تفسير أو تعليل للوسائد الممنوحة من بري الى جنبلاط إن صحت تلك المقولة ؟ نعم بالتأكيد ، يشير بعض المطلعين الآخرين حيث من المفترض أن يكون الرئيس بري وحركة أمل أول المستهدفين في الخطوة التي تلي إزاحة أو تحجيم وليد جنبلاط والحزب التقدمي الإشتراكي !!!!!!!!

ايمن حجازي