أيمن حجازي

بعد مرور عام على انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، بات من الضروري السؤال عن مصير التفاهم العوني - الحريري الذي شكل السبب المباشر لتحقيق هذه الخطوة الكبرى التي شهدها الوضع اللبناني قبل عام من الزمن. وقد مر هذا التفاهم في عدة منعطفات خطيرة شكلت تهديداً له، وكان آخر هذه المنعطفات ذلك الذي ترتب عن السجال السياسي بين وزيري الداخلية والخارجية نهاد المشنوق وجبران باسيل والذي ارتكز على لقاء الوزير باسيل مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم في نيويورك خلال مشاركة الرئيس ميشال عون والوفد المرافق في اعمال الدورة العادية للأمم المتحدة. وقد أضيف الى هذا الموضوع موقف لبنان في انتخابات المدير العام للأونيسكو، ما ألهب السجال بين الرجلين. 
لا ريب في أن القرار الاستراتيجي المتخذ من قبل الرئيس سعد الحريري هو التمسك بالتسوية أو التفاهم العوني - الحريري الذي ولد قبل أكثر من عام، إذ يتخذ رئيس الحكومة عنواناً سياسياً وطنياً لتمسكه بهذا التفاهم، ألا وهو الاستقرار في الوضع اللبناني، لما يحمل الانهيار من مخاطر أمنية ووجودية شتى خصوصاً في ظل الحريق الكبير المشتعل في جوارنا العربي. ويعمد الحريري  في اطار تمسكه بالتفاهم مع التيار الوطني الحرّ إلى النأي بنفسه عن تناول الموضوعات الخلافية، إلا أن السكوت عما يحصل في اطار المواضيع المختلف فيها أو عليها غير ممكن. لذا كان لا بدّ من ايكال الأمر إلى الوزير نهاد المشنوق، ليلجأ الى طرح المواقف المختلف عليها منبهاً الطرف الآخر من مخاطر الإمعان في الخروج عن القرار الحكومي المشترك وعن التفاهمات الموضوعة بين الجانبين. وبذلك يكون الرئيس الحريري قد حافظ على الاستقرار الداخلي ولم يسكت عما يعتبره اخلالاً من قبل جبران باسيل والتيار الوطني الحر عما هو متفق عليه.
وإذا كان البعض يعطي هذا الموقف الحريري بعداً مصلحياً متصلاً باستمرار الرئيس سعد الحريري في الرئاسة الثالثة، فإن أوساطاً سياسية مختلفة تعتبر الأمر طبيعياً جداً، حيث يعمل الجميع على تحقيق مصالحهم السياسية الخاصة والطائفية والفئوية. واللافت في هذا الموضوع أن خصوم الرئيس الحريري هم أكثر المتفهمين لموقفه، حيث يدأب حزب الله عبر أكثر من مسؤول في قيادته على الاشادة بإيجابية الرئيس الحريري. ويشابه الرئيس نبيه بري شريكه الشيعي في هذا التفهم، وهذا ما يمكن لمسه من خلال اللقاء الثلاثي الذي عقد في كليمنصو بين الرئيسين بري والحريري والنائب وليد جنبلاط. هذا اللقاء الذي لم يستطع أحد نزع طابع الوقوف في وجه بعبدا، وتحديداً في وجه السلوكيات الاستفزازية للوزير جبران باسيل. وتجدر الاشارة هنا الى أن الاستفزاز المتهم بارتكابه الوزير جبران باسيل لم يصب الرئيس الحريري فقط، بل إنه يتوسع ليشمل الرئيس بري والنائب جنبلاط وآخرين.
لا يمكن القول إن التهديد كبير وملحّ في هذا الآونة للتفاهم بين الرئيسين الحريري وعون، ولكن الأمور لم تعد بالصفاء السابق الذي انطلق فيه ذلك التفاهم في ألقه ووهجه المميز . وتبقى الانتخابات النيابية القادمة محكّاً عملانياً كبيراً للعلاقة بين الجانبين حيث تداخل المصالح قائم بين الجانبين في أكثر من دائرة انتخابية، والامتحان سيكون كبيراً وسيفضي إلى علاقة أكثر وضوحاً بين الجانبين. ويفترض أن تمتحن العلاقة بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحرّ في صناديق الاقتراع في:
 دائرة عكار، دائرة صيدا جزين، دائرة البقاع الغربي، دائرة زحلة، وبعض المواقع الأخرى مثل بيروت الأولى ودائرة الكورة - البترون - زغرتا - بشري حيث الامتحانات الانتخابية المهمة والأوزان السياسية القادمة التي سترسم خريطة ما بعد الانتخابات النيابية.