أيمن حجازي

ما زال الباحثون عن القانون اﻻنتخابي اللبناني يدورون في حلقة مفرغة، ويعودون إلى النقطة الصفر مرات عديدة. ثم يختلفون مع حلفائهم وخصومهم على حد سواء دون أن يلجأ أي منهم إلى حسم موقفه بشكل نهائي... حيث قلة منهم ثبتوا على رأي وموقف واحد من قانون اﻻنتخاب المفقود منذ انطلاق ماراتون البحث عن بديل لقانون الستين الذي رجمه معظم الساسة اللبنانيين جهاراً نهاراً وأخفى قلة منهم حبه وتعلقه بهذا القانون الذي اعتمد في أربع دورات انتخابية امتدت من عام 1960 إلى عام 1972 قبل أن يصدر حكم بإعدامه في اتفاق الطائف الشهير، وقبل أن يبعث حياً في انتخابات 2009 على شكل قانون الدوحة الطيب الذكر، وذلك عندما كان «التيار الوطني الحر» مع حلفائه في معسكر الثامن من آذار يهدفون الى تحرير المقاعد النيابية المسيحية «المغتصبة» عبر هذا القانون المتلألئ واللامع في عيون أهل الرابية.
  وها هو وزير خارجية لبنان وقائد التيار الوطني الحر جبران باسيل يسعى إلى تحرير باقي المقاعد النيابية «المغتصبة» أو المصادرة من قبل جهات طائفية أخرى بغية تأمين التمثيل النيابي المسيحي السليم.
وقد أقدم على طرح قانون انتخابي يأخذ من القانون اﻷرثوذكسي التأهيل الطائفي، ومن قانون الستين حجم الدوائر اﻻنتخابية، وهو القضاء في ظل النسبية الكاملة على أساس الدوائر المتوسطة. وما زالت تعترض هذا المشروع وغيره من مشاريع القوانين اﻻنتخابية اعتراضات شتى يرجح أن تكون كفيلة بتضييع واهدار مهلة الشهر التي تفصلنا عن الخامس عشر من أيار تاريخ الجلسة النيابية المؤجلة لإقرار التمديد للمجلس النيابي الحالي بفعل المادة 59 من الدستور التي لجأ اليها رئيس الجمهورية ميشال عون مساء الثاني عشر من نيسان الجاري، وحال بذلك دون انعقاد الجلسة النيابية التي كانت مخصصة للتمديد للمجلس النيابي سنة واحدة . وهذا ما يهدد بالعودة الى اﻷجواء الساخنة التي فرضت نفسها عشية الجلسة النيابية المؤجلة، وكادت أن تدفع بالبلاد الى مواجهة سياسية وشعبية خطرة ذات طابع طائفي ملتهب. صحيح أن اللجوء إلى المادة 59 من الدستور أجلت المواجهة اﻵنفة الذكر ولكنها أضافت عوامل توتر جديدة إلى الحالة السياسية القائمة في البلد. وكان أبرزها حالة التوجس الواسعة لدى الساسة في القاطع الإسلامي من الضيعة اللبنانية الرحبانية من العودة إلى نظام اﻻمتيازات الطائفية الذي كان سائداً قبل في نظام 1943. وذلك في مقابل اﻻرتياح الكبير الذي عم الأوساط الشعبية والسياسية المسيحية التي أعتبرت أن خطوة اللجوء إلى المادة 59 أكدت الثقة بميشال عون رئيساً مسيحياً قوياً وقادراً على لملمة ما بقي من صلاحيات رئاسية مندثرة في دستور الطائف... كي يجعل من الضعف قوة وفق بعض التعابير الشعبية التي وصفت ما حصل بترحيب بالغ.  وكان لخطوة اللجوء الى المادة 59 من الدستور مزيد من المفاعيل السلبية بين الرئاستين اﻷولى والثانية، على الرغم من محاولة الرئيس بري استيعاب اﻷضرار الهجومية البالغة التي نتجت من خطوة الرئيس عون وأكدت كافة المخاوف التي كانت قائمة قبيل اﻻنتخابات الرئاسية اﻷخيرة والتي دفعت آنذاك رئيس حركة أمل الى تأييد النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية. ويرى بعض المراقبين أن موضوع الجلسة النيابية التي كانت مخصصة للتمديد في الثالث عشر من نيسان الجاري كان يمكن أن يعالج بمساع سياسية تدفع الرئيس بري الى تأجيل الجلسة، ولكن الرئيس عون وبعض المحيطين به تعمدوا أن تأخذ الخطوة طابعاً «تعسفياً» حانت الفرصة للجوء إليه. وﻻ ينبغي اﻻضافة في هذا المجال إلى كل ما سلف حالة الامتعاض العارمة التي تعم «حزب الله» حيال الوزير جبران باسيل، فتلك لها حسابات أخرى!>