العدد 1371 / 24-7-2019
أيمن حجازي

في خضم الأزمة السياسية التي ترتبت على حادثة قبرشمون بين الحزب التقدمي الإشتراكي والحزب الديموقراطي ، أقدم وزير العمل كميل أبو سليمان على تفعيل العمل بقرارات سابقة توجب على العامل الفلسطيني في لبنان الإستحصال على إجازة عمل ، وتلزم أصحاب المؤسسات الفلسطينيين بمتطلبات مالية تعيق عملهم ، لا بل تغلق مؤسساتهم في بعض الأحيان ، كما حصل في بعض مناطق الشمال . وقد جاءت هذه الخطوة في ظل تنافس شعبي مسيحي بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية على التخلص من العبء الفلسطيني والسوري اللذين ترتبا على نكبة فلسطين في عام ١٩٤٨ وعلى الأزمة السورية منذ عام ٢٠١١ ...

إن اتفاق التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية على التخلص بقدر المستطاع من العبأين الفلسطيني والسوري دوافع طائفية بامتياز ، وهو ليس جديدا على الإطلاق ، بل إنه كان في صلب العوامل المباشرة وغير المباشرة التي أدت الى اشتعال الحرب الأهلية اللبنانية في عام ١٩٧٥ . فهاتان القوتان المسيحيتان تعبّران سراﹰ وجهاراﹰ عن خوفهما من الإخلال بالتوازن الطائفي العددي بين اللبنانيين ، ويشاطرهما هذا الخوف كم كبير من الجهات السياسية والإجتماعية والكنسية . ولا فرق هنا بين الخوف والتخويف الذي مارسه تاريخيا عدد من القادة المسيحيين في العصر الحديث بتشجيع من بعض الدول الأوروبية التي كانت تملك الرغبة الكاملة في تجديد أو تثبيت نفوذها السياسي في لبنان والمنطقة تحت غطاء الدفاع عن مسيحيي لبنان والمشرق . ولكن المريب في موضوع الإجراءات المتخذة من قبل وزارة العمل ، أنها جاءت إثر إنعقاد ورشة المنامة الممهدة لصفقة القرن والمرتبطة بها ، التي تلزم دول المنطقة بمن فيهم لبنان بتوطين جزء من الفلسطينيين المسجلين رسميا في دوائرها الرسمية . وقد برز في السنوات الأخيرة حرص من قبل بعض السلطة اللبنانية لتقليل عدد الفلسطينيين المسجلين رسميا في لبنان ، بغية تقليل عدد المرشحين للتوطين على الآراضي اللبنانية من أهل فلسطين الرافضين لاستبدال وطنهم بأي من أوطان الأرض . ولكن بعض العنصريين والطائفيين والمتوحشين في لبنان يرون أن التوطين لا يقاوم إلا من خلال التضييق على الفلسطينيين في أرزاقهم وبيوتهم وأعمالهم وتعليمهم وصحتهم وفي كثير من حقوقهم المشروعة كلاجئين وضيوف عابرين حتى ولو طال الزمن .

ثمة ما يضفي طابعا طائفيا على هذا الموضوع ، عندما تتفجر في الشارع اللبناني والصالون السياسي اللبناني تساؤلات صاخبة يتقدمها تساؤل كبير :

- لوكان ما نسبته خمسين بالمئة أو أكثر أو أقل من السوريين النازحين أو الفلسطنيين اللاجئين ينتمون الى طوائف مسيحية هل كان التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية يتعاطون بملفهم بهذه الطريقة المعتمدة حاليا ؟"

يضاف الى هذه التساؤلات المثيرة حقائق يختزنها عقل المواطن العادي الذي ما زال يعاين التمييز البشع بين فئات اللاجئين الى لبنان وفق إنتماءتهم الطائفية ... فاءخواننا الأرمن عندمل لجأوا الى بلدنا الحبيب منحوا الجنسية اللبنانية ووظائف ومقاعد نيابية وثيرة ومناصب هامة في الإدارة اللبنانية بينما حرم من الجنسية اللبنانية الكثير من الأكراد اللاجئين وعرب وادي خالد وغيرهم ممن كانو عاثري الحظ بفعل إنتمائهم الطائفي الإسلامي الحزين .

الفلسطينيون شعب رافض لكل إنتماء وطني غير إنتمائه الى فلسطين ولكن له كامل الحق في أن يعيش بكرامة ريثما تتوافر له ظروف العودة الى وطنه ، وهو انسان عربي دفع ضريبة الدم والشهادة نيابة عن كل أبناء الأمة ، ولا ينبغي أن نعاقبه على مقاومة الإحتلال حتى نصبح في عيون واشنطن من ينعمون بلقب "محاربة الإرهاب " .

ايمن حجازي