أيمن حجازي

مع اقتراب الموعد اﻻنتخابي اللبناني في السادس من أيار القادم، بدأت الحرارة التنافسية ترتفع قبيل السادس والعشرين من آذار الحالي كموعد نهائي لتشكيل اللوائح في كافة الدوائر اﻻنتخابية. وقد تكشفت منذ اللحظة اﻷولى لبدء الموسم اﻻنتخابي الحالي، حقيقة اضمحلال التحالفات السياسية لتحل محلها التحالفات الحسابية المتعلقة بالصناديق واﻷرقام المحكومة بهاجس الحصول على أكبر عدد من المقاعد النيابية في البرلمان القادم.
وهذا ما يمكن ملاحظته والتثبت منه من خلال عرض مواقف القوى السياسية الفاعلة داخل معسكري الثامن والرابع عشر من آذار. ففي المعسكر اﻷول نرى تعثراً كبيراً في التحالف ما بين التيار الوطني الحرّ وحزب الله في دوائر صيدا - جزين، كسروان - جبيل، بعلبك - الهرمل ومرجعيون - حاصبيا - بنت جبيل. كذلك يبدو الهامش اﻻيجابي اﻻنتخابي بين التيار الوطني الحر وحركة أمل ضيقاً، وهو ﻻ يتجاوز دائرتي بعبدا والبقاع الغربي في الوقت الذي يبدو فيه الصراع في دائرة صيدا جزين ملحمياً بين الحركة والتيار الوطني الحر.
هذا فضلاً عن التنافس الواقع بين تيار المردة، أحد مكونات معسكر الثامن من آذار، والتيار الوطني الحر في دائرة البترون - الكورة - زغرتا - بشري، وفي دائرتي عكار وكسروان - جبيل. والسؤال المطروح هنا: اذا كانت العلاقات بين حركة أمل والمردة من جهة والتيار الوطني الحر من جهة أخرى متردية قبل اﻻنتخابات وهي تساهم في الحؤول دون قيام تحالفات بين الجناحين من داخل معسكر الثامن من آذار، فكيف يمكن تبرير ضيق المساحة التحالفية بين التيار الوطني الحر و«حزب الله» المشهود لهما بعلاقات سياسية واستراتيجية متينة؟
أما على صعيد معسكر الرابع عشر من آذار، فإن انهيار المحاوﻻت التحالفية بين تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية، وانحصارها في دائرتي عكار وبعلبك - الهرمل ﻻ يمكن قراءته في سياق التداعيات السلبية ﻻستقالة الرئيس سعد الحريري من الرياض في الرابع من تشرين الثاني الماضي وما تلاها من أحداث، بل ان اﻷمر يتصل بالحسابات والمصالح اﻻنتخابية التي هبت رياحها باتجاه تحالف الكبار (تيار المستقبل والتيار الوطني الحر)، كما هو ظاهر منذ وﻻدة اﻻتفاق على تبني ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية في خريف عام 2016. فكما كان التحالف والتفاهم بين هاتين القوتين مربحين لكليهما على الصعيد الحكومي والتشريعي، فإن التحالف والتفاهم بين «المستقبل» والوطني الحر مربحان لكليهما على الصعيد اﻻنتخابي.
واذا أردنا التوقف عند علاقة حزب الكتائب اللبنانية كواحد من مكوّنات الرابع عشر من آذار، فإن العلاقة بينه وبين تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية في مرحلة سلبية جرى تكريسها انتخابياً في معظم الدوائر. وحده الحزب التقدمي اﻻشتراكي الذي كان يعتبر أساساً من أساسات معسكر الرابع عشر من آذار حافظ على العلاقة التحالفية بينه وبين تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية في دائرتي الشوف - عاليه وبعبدا، مع السعي لامتداد هذه العلاقة إلى دائرة البقاع الغربي، لعل ذلك يحفظ حالة اﻻنفتاح السياسي الذي يريد النائب جنبلاط اﻻستمرار بها مع السعي إلى الحفاظ ما أمكن على كتلته النيابية.
وهكذا يتضح لنا بشكل عملي حجم الاضمحلال السياسي في حركة التحالفات اﻻنتخابية التي باتت تحت وطأة الحسابات واﻷرقام التي تضمن إيصال أكبر عدد ممكن من فرسان العمل النيابي على صهوة الصوت التفضيلي والنسبية المميزة.