أيمن حجازي

ما زال القانون الانتخابي اللبناني عالقاً في النفق المظلم, في ظل عجز سياسي كامل عن التوصل إلى تسوية منشودة في هذا المجال. وما زال البلد مهدداً بالوقوع في الفراغ الدستوري التشريعي في العشرين من حزيران المقبل تاريخ انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي... فضلاً عن تعميق الانقسام السياسي الذي سيولده هذا الفراغ المفترض في حال وقوعه، وهو انقسام ذو طابع طائفي ومذهبي خطير. وقد تدحرجت المواعيد الدستورية وانهارت كافة المهل المتاحة بعد أن رفض رئيس الجمهورية ميشال عون توقيع المراسيم التي كان ينبغي صدورها لإجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها القانونية الثابتة، أي قبل شهرين من انتهاء ولاية المجلس الحالي، وبعد أن وقعها وزير الداخلية نهاد المشنوق ورئيس الحكومة سعد الحريري.
ولكن الوقائع السياسية تحمل في طياتها بعض المتغيرات التي قد تؤثر لاحقاً بخريطة التموضع السياسي في البلد الذي بات فيه الاستقطاب السياسي القائم منذ 14 شباط 2005 في طريقه الى الزوال أو التلاشي. وتبرز في طليعة هذه الوقائع المعطيات الآتية:
- اضمحلال التعهد الثنائي الصادر عن الرئيس سعد الحريري و رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع برفض أي قانون انتخابي يرفضه رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط. علماً أن العلاقة بين هذه الأطراف السياسية الثلاثة كانت آخر ما بقي من هيكل قوى معسكر الرابع عشر من آذار.
- تراجع رئيس الحكومة سعد الحريري عن تعاضده مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري في التوافق على التمديد الاضطراري للمجلس النيابي الحالي والمنتهية ولايته في العشرين من حزيران المقبل.
- نمو في ايجابيات العلاقة بين «حزب الله» والحزب التقدمي الاشتراكي والذي تمثل أخيراً بموقف «حزب الله» المعارض للتصويت على القانون الانتخابي في مجلس الوزراء والعودة في مقولات الحزب إلى الديموقراطية التوافقية التي تعني مراعاة مخاوف وهواجس الطوائف اللبنانية كافة.
- استمرار التنسيق والتناغم بين الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط، على الرغم من الاختلاف في النظرة الى القانون الانتخابي المنشود.
- بروز بعض علامات الاستفهام حول مدى الضلوع العوني في المظاهرة الرسمية المضادة للمظاهرة الإعلامية التي سيرها حزب الله على الحدود اللبنانية الفلسطينية المحتلة قبل أسبوعين, والتي قادها رئيس الحكومة سعد الحريري وشارك فيها وزير الدفاع يعقوب الصراف وقائد الجيش اللبناني جوزف عون المقربين إلى الرئيس ميشال عون، وما يمكن أن يترتب عن هذه التساؤلات من انعكاسات مباشرة وغير مباشرة على العلاقات بين رئيس الجمهورية و«حزب الله» في ظل الحديث عن أن الزيارة بالشكل الذي جرت فيه توحي بأن الرئيس عون موافق على معطياتها إن لم يكن أكثر من ذلك.
ان هذه الانتخابات إن حصلت في العام الحالي أو في العام الذي يليه ستكون انتخابات تاريخية بلا أدنى شك... وفي مناحٍ ثلاثة ان لم يكن أكثر. حيث يفترض أن تؤدي إلى فرصة كبرى لخلط الأوراق ما قبل اجرائها وما بعد ذلك. وهي انتخابات ستخضع لقانون مميز في غرابته أو جودته أو في قدمه (قانون الستين مثلاً), كما أنها في حال إجرائها على أساس قانون جديد قد تكون غريبة في نتائجها أيضاً!>