أيمن حجازي

تحت ركام التجاذبات السياسية اللبنانية الممتدة من «سلسلة الرتب والرواتب» الى لقاء وزير الخارجية جبران باسيل بوزير خارجية النظام السوري وليد المعلم وما بينهما، تتحرك التحضيرات اﻻنتخابية المتنوعة داخل كل قوة من القوى السياسية وداخل إطار التحالفات السابقة أو ما بقي منها في هذا العهد. ومع حرص معظم القوى على ابقاء هذه التحضيرات اﻷولية بعيدة عن وسائل الإعلام، فإن ما يطفو على السطح بات يوحي بأن العجلة اﻻنتخابية بدأت بالدوران.
وقد جاءت زيارة رئيس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط لرئيس الحكومة سعد الحريري مطلع اﻷسبوع الماضي لتفتح الباب أمام كلام انتخابي لم يقله وليد جنبلاط وﻻ سعد الحريري اثر لقائهما، ولكن ترك الموضوع للنائب وائل أبو فاعور كي يؤكد أن تيار المستقبل والحزب التقدمي اﻻشتراكي في صدد تجديد تحالفهما اﻻنتخابي السابق. 
وتجدر اﻻشارة هنا الى أن دائرة الشوف - عاليه، على سبيل المثال، تتطلب اﻻنتخابات فيها نسج تحالفات إضافية ﻻ ينبغي أن تتضارب مع ما أعلن من تحالف بين تيار المستقبل والحزب التقدمي اﻻشتراكي. إذ يوجد في هذه الدائرة عدد كبير من القوى يأتي في مقدمها الى جانب المستقبل واﻻشتراكي: التيار الوطني الحر، القوات اللبنانية، حزبا الكتائب واﻷحرار والجماعة الإسلامية والحزب الديموقراطي اللبناني بزعامة اﻷمير طلال ارسلان. وتنحصر العلاقة اﻻنتخابية المتوخاة بين تيار المستقبل والحزب التقدمي اﻻشتراكي في دوائر بيروت الثانية والبقاع الغربي وحاصبيا - مرجعيون بالإضافة إلى دائرة الشوف. 
وكان الترويج الإعلامي اﻻنتخابي في المرحلة السابقة يقول بتبادل المقاعد بين المستقبل واﻻشتراكي، إذ يمكن اﻷخير من فوز مرشح المستقبل عن أحد المقعدين السنيين في الشوف، في مقابل تمكين تيار المستقبل للحزب اﻻشتراكي من فوز مرشحه عن المقعد الدرزي الوحيد في بيروت. أما في البقاع الغربي، فإن التحالف بين الجانبين جدي جداً حيث الواقع اﻻنتخابي في تلك الدائرة يفرض التمسك بأهداب هذا التحالف بكل قوة ومتانة حتى يتمكن مرشحا المستقبل واﻻشتراكي من الفوز، خصوصاً في ظل القانون اﻻنتخابي الجديد والنسبية والصوت التفضيلي، ما يفرض تعقيدات مستجدة. أما في دائرة حاصبيا - مرجعيون فإن المقعدين الدرزي والسنّي في تلك الدائرة كانا منذ انتخابات 1992 في قبضة اﻷغلبية الشيعية الناخبة، ما يثير التساؤل عن إمكانية تحقيق اختراق ما من قبل المستقبل واﻻشتراكي في هذه الدائرة في ظل القانون اﻻنتخابي الجديد. وفي حال تحقُّق هذا اﻻختراق، تُسـجَّل نقطة إيجابية تمثيلية في خانة القانون اﻻنتخابي الوليد الذي قد يفسح في المجال أمام تمثيل الأقليات السياسية والطائفية في الدوائر اﻻنتخابية التي تزخر بأغلبية انتخابية من لون طائفي أو سياسي واحد. 
إذاً افتتح وليد جنبلاط وسعد الحريري سباق التحالفات اﻻنتخابية التي كانت باكورتها الصامتة والهامسة مطلع اﻷسبوع الماضي كي نسبر أغوار العمل السياسي الذي يشغل بال معظم الساسة في بلادي بعيداً عن اللهو واللغو الحاصل في القضايا اﻷخرى التي يمكن تسويتها كي تبقى الحكومة الحالية على قيد الحياة في انتظار الموسم اﻻنتخابي القادم... ومن ثم صفحة جديدة وميزان قوى جديد وواقع إقليمي متأرجح بين النار واللهب والتسويات التي ﻻ تكتمل.>