العدد 1370 / 17-7-2019
ايمن حجازي

بروح رياضية يتقبل رئيس الحكومة سعد الحريري تعطيل جلسات مجلس الوزراء منذ وقوع حادثة قبرشمون ، وحيث بدأ الوزير جبران باسيل وفريق عمله الوزاري إشتراط إحالة تلك الحادثة الى المجلس العدلي قبل الجلوس على مائدة مجلس الوزراء . وباءصرار كبير يستمر رئيس التيار الوطني الحر في التصلب السياسي حيال هذا الموضوع وغيره من الموضوعات السياسية المزدحمة في البلد . وبناء عليه فان إمكانية إنجاز قطع حساب عن الموازنة غير قائمة ، ما يجعل جلسات المجلس النيابي المخصصة لمناقشة موازنة ٢٠١٩ منقوصة بسبب غياب قطع الحساب ما يجعل الحاجة ماسة الى الإحتيال التشريعي الذي بات المجلس النيابي مدعوا له.

 

وحتى التصويت على إحالة حادثة قبرشمون الى المجلس العدلي ، تبدو عقيمة بفعل تقارب الأصوات داخل مجلس الوزراء بين مؤيد ومعارض لهذه الإحالة . ما يؤكد حصول توازن بين فريقين سياسيين في البلد لا بد من التوقف عند طبيعة تركيبتهما . وإذا كان هذا الإنقسام الحالي يستند في جزءٍ منه الى الإنقسام السابق المتمثل بمعسكري الرابع عشر والثامن من أذار ، إلا أنه إنقسام مختلف يرتكز الى إعتبارات الصراع السياسي المحلي المتحلل جزئيا من الصراع في بعده الإقليمي الشهير . وإذا كان الإنقسام السابق يقوم على الموقف من سوريا ، والموقف من سلاح المقاومة ، والموقف من المحكمة الدولية ، والموقف من القرارات الدولية ١٥٥٩ وال١٧٠١ ... و ... فان الإنقسام الحالي يتخذ طابع الصلاحيات الرئاسية ، وتقاسم النفوذ داخل السلطة ، والترجمة العملية لدستور الطائف ، وقيادة الساحة المسيحية ، وقيادة الساحة الدرزية وغيرها من الساحات الطائفية والمذهبية التي تعج بالقيادات والزعامات والمرجعيات السياسية والدينية على حد سواء .

وفي هذا الخضم تظهر في هذا الإنقسام الحالي محاولات إختراق متعددة بين الطوائف والمذاهب ، وتظهر أيضا الدعوات الجليلة لتحرير كل طائفة ومذهب من محاولات الإختراق المشار اليها , والتي تمثل انتهاكا مذموما من قبل قوى طائفية بحق طوائف مغايرة , وما حادثة قبرشمون إلا تعبير صادق عن هذه الحقائق التي تجلت بشكل واضح وباتت أصابع الإتهام فيها موجهة الى التيار الوطني الحر كقوة مسيحية تحاول أن تخترق الساحة الدرزية وتسيء الى الزعامة الأقوى فيها ممثلة برئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط .

وإذا أردنا أن نتفحص الإنقسام الحالي من زاوية أخرى , فانه يمكننا الجزم بأن مجابهة طغيان التيار الوطني الحر والوزير جبران باسيل يشكل عنصرا هاما من عناصر تكوين أحد هذين الفريقين السياسيين اللذين يقوم عليهما الإنقسام السياسي الحالي في لبنان , وهذا ما يمثل جامعا مشتركا بين الرئيس نبيه بري والزعيم وليد جنبلاط ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ... ومن ثم الرئيس سعد الحريري الذي ما زال يسعى الى إنقاذ التسوية السياسية التي قامت في خريف ٢٠١٦ وأنهت الفراغ الرئاسي وأوصلت العماد ميشال عون الى سدة الرئاسة الأولى , وأعادت الرئيس سعد الحريري الى سدة الرئاسة الثالثة . إلا أن إنقاذ هذه التسوية قد يكون متعذرا في المرحلة المقبلة في ظل إصرار الوزير جبران باسيل على حرق بعض المراحل واستعادة ما يعتبره حقا مغتصبا من حقوق المسيحيين في بنيان السلطة اللبنانية .

أما الجهة المقابلة من الإنقسام السياسي الحالي فانها تبدو جامعة لحزب الله والتيار الوطني الحر والأمير طلال ارسلان , والتي تتفاوت فيها حسابات الأطراف وطبيعتها . فحسابات حزب الله ذات أولوية إقليمية ، وحسابات التيار الوطني الحر ذات أولوية محلية واضحة .

ايمن حجازي