العدد 1512 /18-5-2022

هدأت العاصفة وانجلى غبار المشهد السياسي اللبناني ، ووصلت الإنتخابات النيابية الى نهايتها . وبات العام ٢٠٢٢ على موعد مع اأستحقاق إنتخابي رئاسي في مطلع الخريف المقبل بعد ان تم ترحيل الإستحقاق الإنتخابي البلدي الى العام المقبل . ما أدى الى فكفكة الثالوث الإنتخابي المحتشد في هذا العامبأضلاعه الثلاثة النيابية والرئاسية والبلدية والإختيارية ... ولكن الحصيلة الإنتخابية النيابية أدخلتنا في مهمة صعبة هي مهمة البحث عن الأكثرية النيابية الضائعة بين المعسكرات السياسية المتناحرة . والتي قد تصبح أكثرية نيابية مفقودة ملحقة بكل المفقودين اللبنانيين الكثر . لقد خيضت المعارك الإنتخابية الحامية الوطيس تحت عناوين الوصول الى أكثرية نيابية موعودة أو التمسك بأكثرية نيابية قائمة بغية تحقيق أهداف وغايات سياسية مرسومة عند كل طرف من الأطراف السياسية .

في المحصلة ، بقي الأبرز بتداعياته في هذه الإنتخابات هو غياب تيار المستقبل والرئيس سعد الحريري حيث كان لهذا الغياب تداعيات متعددة في كل المساحات الطائفية والمذهبية اللبنانية . وقد وصلت هذه التداعيات الى قوى الحراك والثورة حيث كان إتساع الحجم الذي نالته هذه القوى عائدا في جزء منه الى غياب تيار المستقبل والحريري . وخلاصة القول ان الفرقاء الذين وعدوا أنفسهم بنيل الأكثرية النيابية وفي مقدمهم حزب القوات اللبنانية لم ينالوا مطلبهم حتى لو زاد عديد نواب هذا الحزب أربع أو خمسة مقاعد . صحيح ان حلفاء حزب الله لم يحتفظوا بالأكثرية النيابية ولكنهم أبقوا على نواة صلبة تؤهلهم للتفوق على البعثرة الحاصلة في الفريق الآخر . خصوصا إذا علمنا ان هناك مؤشرات لمد جسور بين حزب الله والنواب المحسوبين على الحراك الشعبي . وأولهم النائب الياس جرادة الذي حل محل النائب السابق أسعد حردان في الدائرة الجنوبية الثالثة . وهذا ما يفسح في المجال ان الأكثرية النيابية قد تكون لزجة تتبدل وجهتها وفق المواضيع المطروحة . ولا ينبغي أن ننسى أن بعض وجوه القوات الللبنانية في المجلس النيابي السابق كان يشير الى توافقات تلقائية كانت تحدث داخل جلسات اللجان النيابية المشتركة ووفق المواضيع المطروحة . وحري ان يتم هذا الأمر بين حزب الله والنواب الجدد المنتمين الى الحراك .

في الساحات الطائفية يسجل التالي :

- مسيحيا وحيث كانت الملحمة تقدم حزب القوات اللبنانية ولكن التيار الوطني الحر تراجعت كتلته النيابية دون انهيار وكانت جزين وجع التيار الأبرز حيث خسر المقعدين اللذين كان يمتلكهما . ولكنه بالتحالف مع حزب الطاشناق بقي متقدما على كتلة نواب القوات بمقعد أو مقعدين .

- شيعيا بقي ثنائي أمل - حزب الله ممسكا بكافة المقاعد النيابية الشيعية مع تفاهم كامل بينهما حول توزيع المقاعد بينهما . فضلا عن التفاهم القائم بينهما حول رئاسة المجلس النيابي التي تعود الى الرئيس نبيه بري . ويحاول البعض ان يتحدث عن خسارة مفترضة لثنائي أمل - حزب الله من خلال خسارة الحلفاء ليس إلا ...

- درزيا تمكن وليد جنبلاط من الحفاظ على اجتياحه لستة مقاعد درزية من أصل ثمانية مقاعد ما جعله متصدرا للمشهد الدرزي اللبناني ، خصوصا مع سقوط وئام وهاب في الشوف والأمير طلال ارسلان في عالية . علما ان جنبلاط كان يحرص على العلاقة مع الأمير الارسلاني ويترجم هذا الحرص من خلال عدم ترشيح أحدا من الحزب التقدمي الأشتراكي في مواجهة " المير طلال " . لقد حافظ وليد جنبلاط على دوره كقوة ترجيحية تحسم المعارك عندما تحتدم المواجهات .

- سنيا خيمت الشرذمة والبعثرة على المشهد السني بعد اعتزال سعد الحريري المؤقت للفن السياسي . و يخشى أن يتحول هذا الإعتزال الى اعتزال دائم في الوقت الذي حاولت فيه بعض البيوت السياسية السنية العودة الى الساحة ... فنجح عبد الرحمن البزري وأسامة سعد في صيدا وفشل طلال المرعبي في عكار ومرشح من آل الخطيب في اقليم الخروب وضاعف آل الصمد من تمثيلهم النيابي في الضنية فحصلوا على مقعدين نيابيين شماليين مع تسجيل انتكاسة مدوية ومؤسفة لفيصل كرامي في طرابلس .

أما عن الكاثوليك والأرثوذكس فإن لهم رحابة صدر مميزة تسمح لقيادات الأحزاب المسيحية أن تصادر تفاصيل هاتين الطائفتين المسيحيتين المتسامحتين إلتزاما بقول أحدهم في منتصف القرن العشرين : " كن أرثوذكسيا وتمورن " .

أيمن حجازي